388

ما شأنك؟

فقال: أني أحمس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" وأنا أحمس "

حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، قال: كان ناس من الأنصار إذا أهلوا بالعمرة لم يحل بينهم وبين السماء شيء يتحرجون من ذلك، وكان الرجل يخرج مهلا بالعمرة فتبدو له الحاجة بعد ما يخرج من بيته فيرجع ولا يدخل من باب الحجرة من أجل سقف الباب أن يحول بينه وبين السماء، فيفتح الجدار من ورائه، ثم يقوم في حجرته فيأمر بحاجته فتخرج إليه من بيته. حتى بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل زمن الحديبية بالعمرة، فدخل حجرة، فدخل رجل على أثره من الأنصار من بني سلمة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:

" إني أحمس "

قال الزهري: وكان الحمس لا يبالون ذلك. فقال الأنصاري: وأنا أحمس، يقول: وأنا على دينك. فأنزل الله تعالى ذكره: { وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها }. حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: { وليس البر بأن تأتوا البيوت } الآية كلها. قال قتادة: كان هذا الحي من الأنصار في الجاهلية إذا أهل أحدهم بحج أو عمرة لا يدخل دارا من بابها إلا أن يتسور حائطا تسورا، وأسلموا وهم كذلك. فأنزل الله تعالى ذكره في ذلك ما تسمعون، ونهاهم عن صنيعهم ذلك، وأخبرهم أنه ليس من البر صنيعهم ذلك، وأمرهم أن يأتوا البيوت من أبوابها. حدثني موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسباط، عن السدي قوله: { وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها } فإن ناسا من العرب كانوا إذا حجوا لم يدخلوا بيوتهم من أبوابها كانوا ينقبون في أدبارها، فلما حج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع أقبل يمشي ومعه رجل من أولئك وهو مسلم.

فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم باب البيت احتبس الرجل خلفه وأبى أن يدخل قال: يا رسول الله إني أحمس يقول: إني محرم وكان أولئك الذين يفعلون ذلك يسمون الحمس. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" وأنا أيضا أحمس فادخل "

فدخل الرجل، فأنزل الله تعالى ذكره: { وأتوا البيوت من أبوابها }. حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: { وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها }. وإن رجالا من أهل المدينة كانوا إذا خاف أحدهم من عدوه شيئا أحرم فأمن، فإذا أحرم لم يلج من باب بيته واتخذ نقبا من ظهر بيته. فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة كان بها رجل محرم كذلك، وإن أهل المدينة كانوا يسمون البستان: الحش. وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل بستانا، فدخله من بابه، ودخل معه ذلك المحرم، فناداه رجل من ورائه: يا فلان إنك محرم وقد دخلت فقال: «أنا أحمس»، فقال: يا رسول الله إن كنت محرما فأنا محرم، وإن كنت أحمس فأنا أحمس. فأنزل الله تعالى ذكره: { وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها } إلى آخر الآية. فأحل الله للمؤمنين أن يدخلوا من أبوابها. حدثت عن عمار بن الحسن، قال: ثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله: { وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها } قال: كان أهل المدينة وغيرهم إذا أحرموا لم يدخلوا البيوت إلا من ظهورها، وذلك أن يتسوروها، فكان إذا أحرم أحدهم لا يدخل البيت إلا أن يتسوره من قبل ظهره. وإن النبي صلى الله عليه وسلم دخل ذات يوم بيتا لبعض الأنصار، فدخل رجل على أثره ممن قد أحرم، فأنكروا ذلك عليه، وقالوا: هذا رجل فاجر فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:

" لم دخلت من الباب وقد أحرمت؟ "

अज्ञात पृष्ठ