377

يعني تعالى ذكره بقوله: { أحل لكم } أطلق لكم وأبيح. ويعني بقوله: { ليلة الصيام } في ليلة الصيام. فأما الرفث فأنه كناية عن الجماع في هذا الموضع، يقال: هو الرفث والرفوث. وقد روي أنها في قراءة عبد الله: «أحل لكم ليلة الصيام الرفوث إلى نسائكم». وبمثل الذي قلنا في تأويل الرفث قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري، قال: ثنا أيوب بن سويد، عن سفيان، عن عاصم، عن بكر عن عبد الله المزني، عن ابن عباس قال: الرفث: الجماع، ولكن الله كريم يكني. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن عاصم، عن بكر، عن ابن عباس، مثله. حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: الرفث: النكاح. حدثنا الحسن بن يحيى، قال أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، قال: الرفث: غشيان النساء. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: { أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم } قال: الجماع. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو صالح، قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قال: الرفث: هو النكاح. حدثني المثنى، قال: قال: ثنا إسحاق، قال ثنا عبد الكبير البصري، قال: ثنا الضحاك بن عثمان، قال: سألت سالم بن عبد الله عن قوله: { أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم } قال: هو الجماع. حدثني موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسباط، عن السدي: { أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم } يقول: الجماع. والرفث في غير هذا الموضع الإفحاش في المنطق كما قال العجاج:

عن اللغا ورفث التكلم

القول في تأويل قوله تعالى: { هن لباس لكم وأنتم لباس لهن }. يعني تعالى ذكره بذلك: نساؤكم لباس لكم، وأنتم لباس لهن. فإن قال قائل: وكيف يكون نساؤنا لباسا لنا ونحن لهن لباسا واللباس إنما هو ما لبس؟ قيل: لذلك وجهان من المعاني: أحدهما أن يكون كل واحد منهما جعل لصاحبه لباسا، لتخرجهما عند النوم واجتماعهما في ثوب واحد وانضمام جسد كل واحد منهما لصاحبة بمنزلة ما يلبسه على جسده من ثيابه، فقيل لكل واحد منهما هو لباس لصاحبه، كما قال نابغة بني جعدة:

إذا ما الضجيع ثنى عطفها

تداعت فكانت عليه لباسا

ويروى «تثنت» فكنى عن اجتماعهما متجردين في فراش واحد باللباس كما يكنى بالثياب عن جسد الإنسان، كما قالت ليلى وهي تصف إبلا ركبها قوم:

رموها بأثواب خفاف فلا ترى

لها شبها إلا النعام المنفرا

يعني رموها بأنفسهم فركبوها. وكما قال الهذلي:

تبرأ من دم القتيل ووتره

अज्ञात पृष्ठ