जामे बयान
جامع البيان في تفسير القرآن
[غافر: 60] إلى أين ندعوه؟ ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال مجاهد:
ادعوني أستجب لكم
[غافر: 60] قالوا: إلى أين؟ فنزلت:
أينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم
[البقرة: 115]. وقال آخرون: بل نزلت جوابا لقوم قالوا: كيف ندعو؟ ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قال: ذكر لنا أنه لما أنزل الله
ادعوني أستجب لكم
[غافر: 60] قال رجال: كيف ندعو يا نبي الله؟ فأنزل الله: { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب } إلى قوله: { يرشدون }. وأما قوله: { فليستجيبوا لي } فإنه يعني: فليستجيبوا لي بالطاعة، يقال منه: استجبت له واستجبته بمعنى أجبته، كما قال كعب بن سعد الغنوي:
وداع دعا يا من يجيب إلى الندى
فلم يستجبه عند ذاك مجيب
يريد: فلم يجبه. وبنحو ما قلنا في ذلك قال مجاهد وجماعة غيره. حدثنا القاسم، قال ثنا الحسين، قال: حدثني الحجاج، عن ابن جريج، قال: قال مجاهد قوله: { فليستجيبوا لي } قال: فليطيعوا لي، قال: الاستجابة: الطاعة. حدثني المثنى، قال: ثنا حبان بن موسى، قال: سألت عبد الله بن المبارك عن قوله: { فليستجيبوا لي } قال: طاعة الله. وقال بعضهم: معنى { فليستجيبوا لي } فليدعوني. ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: حدثني منصور بن هارون، عن أبي رجاء الخراساني، قال { فليستجيبوا لي }: فليدعوني. وأما قوله: { وليؤمنوا بي } فإنه يعني: وليصدقوا، أي وليؤمنوا بي إذا هم استجابوا لي بالطاعة أني لهم من وراء طاعتهم لي في الثواب عليها وإجزالي الكرامة لهم عليها. وأما الذي تأول قوله: { فليستجيبوا لي } أي بمعنى فليدعوني، فإنه كان يتأول قوله: { وليؤمنوا بي }: وليؤمنوا بي أني أستجيب لهم. ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم، ثنا الحسين، قال: حدثني منصور بن هارون، عن أبي رجاء الخراساني: { وليؤمنوا بي } يقول: أني أستجيب لهم. وأما قوله: { لعلهم يرشدون } فإنه يعني: فليستجيبوا لي بالطاعة، وليؤمنوا بي فيصدقوا على طاعتهم إياي بالثواب مني لهم وليهتدوا بذلك من فعلهم فيرشدوا كما: حدثني به المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الرحمن بن سعد، قال ثنا أبو جعفر، عن الربيع في قوله: { لعلهم يرشدون } يقول: لعلهم يهتدون. فإن قال لنا قائل: وما معنى هذا القول من الله تعالى ذكره؟ فأنت ترى كثيرا من البشر يدعون الله فلا يجاب لهم دعاء وقد قال: { أجيب دعوة الداع إذا دعان }؟ قيل: إن لذلك وجهين من المعنى: أحدهما أن يكون معنيا بالدعوة العمل بما ندب الله إليه وأمر به، فيكون تأويل الكلام: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب ممن أطاعني وعمل بما أمرته به أجيبه بالثواب على طاعته إياي إذا أطاعني.
अज्ञात पृष्ठ