يريد فشرا.
ولا أريد الشر إلا أن تا
يريد إلا أن تشاء. فاكتفى بالتاء والفاء في الكلمتين جميعا من سائر حروفهما، وما أشبه ذلك من الشواهد التي يطول الكتاب باستيعابه. وكما حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن علية، عن أيوب وابن عون، عن محمد، قال: لما مات يزيد بن معاوية، قال لي عبدة: إني لا أراها إلا كائنة فتنة فافزع من ضيعتك والحق بأهلك قلت: فما تأمرني؟ قال: أحب إلي لك أن تا قال أيوب وابن عون بيده تحت خده الأيمن يصف الاضطجاع حتى ترى أمرا تعرفه. قال أبو جعفر: يعني ب «تا» تضطجع، فاجتزأ بالتاء من تضطجع. وكما قال الآخر في الزيادة في الكلام على النحو الذي وصفت:
أقول إذ خرت على الكلكال
يا ناقتي ما جلت من مجال
يريد الكلكل. وكما قال الآخر:
إن شكلي وإن شكلك شتى
فالزمي الخص واخفضي تبيضضي
فزاد ضادا وليست في الكلمة. قالوا: فكذلك ما نقص من تمام حروف كل كلمة من هذه الكلمات التي ذكرنا أنها تتمة حروف { الم } ونظائرها، نظير ما نقص من الكلام الذي حكيناه عن العرب في أشعارها وكلامها.
وأما الذين قالوا: كل حرف من { الم } ونظائرها دال على معان شتى نحو الذي ذكرنا عن الربيع بن أنس، فإنهم وجهوا ذلك إلى مثل الذي وجهه إليه من قال هو بتأويل: «أنا الله أعلم» في أن كل حرف منه بعض حروف كلمة تامة استغني بدلالته على تمامه عن ذكر تمامه، وإن كانوا له مخالفين في كل حرف من ذلك، أهو من الكلمة التي ادعى أنه منها قائلو القول الأول أم من غيرها؟ فقالوا: بل الألف من { الم } من كلمات شتى هي دالة على معاني جميع ذلك وعلى تمامه. قالوا: وإنما أفرد كل حرف من ذلك وقصر به عن تمام حروف الكلمة أن جميع حروف الكلمة لو أظهرت لم تدل الكلمة التي تظهر بعض هذه الحروف المقطعة بعض لها، إلا على معنى واحد لا على معنيين وأكثر منهما. قالوا: وإذا كان لا دلالة في ذلك لو أظهر جميعها إلا على معناها الذي هو معنى واحد، وكان الله جل ثناؤه قد أراد الدلالة بكل حرف منها على معان كثيرة لشيء واحد، لم يجز إلا أن يفرد الحرف الدال على تلك المعاني، ليعلم المخاطبون به أن الله عز وجل لم يقصد قصد معنى واحد ودلالة على شيء واحد بما خاطبهم به، وأنه إنما قصد الدلالة به على أشياء كثيرة. قالوا: فالألف من { الم } مقتضية معاني كثيرة، منها: إتمام اسم الرب الذي هو الله، وتمام اسم نعماء الله التي هي آلاء الله، والدلالة على أجل قوم أنه سنة، إذ كانت الألف في حساب الجمل واحدا. واللام مقتضية تمام اسم الله الذي هو لطيف، وتمام اسم فضله الذي هو لطف، والدلالة على أجل قوم أنه ثلاثون سنة. والميم مقتضية تمام اسم الله الذي هو مجيد، وتمام اسم عظمته التي هي مجد، والدلالة على أجل قوم أنه أربعون سنة. فكان معنى الكلام في تأويل قائل القول الأول: أن الله جل ثناؤه افتتح كلامه بوصف نفسه بأنه العالم الذي لا يخفى عليه شيء، وجعل ذلك لعباده منهجا يسلكونه في مفتتح خطبهم ورسائلهم ومهم أمورهم، وابتلاء منه لهم ليستوجبوا به عظيم الثواب في دار الجزاء، كما افتتح ب
अज्ञात पृष्ठ