قدما فآضت كالفنيق المحنق
ولا قول هنالك، وإنما عنى أن الظهر قد لحق بالبطن. وكما قال عمرو بن حممة الدوسي:
فأصبحت مثل النسر طارت فراخه
إذا رام تطيارا يقال له قع
ولا قول هناك، وإنما معناه: إذا رام طيرانا ووقع، وكما قال الآخر:
امتلأ الحوض وقال قطني
سيلا رويدا قد ملأت بطني
وأولى الأقوال بالصواب في قوله: { وإذا قضى أمرا فانما يقول له كن فيكون } أن يقال: هو عام في كل ما قضاه الله وبرأه، لأن ظاهر ذلك ظاهر عموم، وغير جائز إحالة الظاهر إلى الباطن من التأويل بغير برهان لما قد بينا في كتابنا: «كتاب البيان عن أصول الأحكام». وإذ كان ذلك كذلك، فأمر الله جل وعز لشيء إذا أراد تكوينه موجودا بقوله: { كن } في حال إرادته إياه مكونا، لا يتقدم وجود الذي أراد إيجاده وتكوينه إرادته إياه، ولا أمره بالكون والوجود، ولا يتأخر عنه. فغير جائز أن يكون الشيء مأمورا بالوجود مرادا كذلك إلا وهو موجود، ولا أن يكون موجودا إلا وهو مأمور بالوجود مراد كذلك. ونظير قوله: { وإذا قضى أمرا فانما يقول له كن فيكون } قوله:
ومن آياته أن تقوم السمآء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذآ أنتم تخرجون
[الروم: 25] بأن خروج القوم من قبورهم لا يتقدم دعاء الله، ولا يتأخر عنه. ويسأل من زعم أن قوله: { وإذا قضى أمرا فانما يقول له كن فيكون } خاص في التأويل اعتلالا بأن أمر غير الموجود غير جائز، عن دعوة أهل القبور قبل خروجهم من قبورهم، أم بعده؟ أم هي في خاص من الخلق ؟ فلن يقول في ذلك قولا إلا ألزم في الآخر مثله. ويسأل الذين زعموا أن معنى قوله جل ثناؤه: { فانما يقول له كن فيكون } نظير قول القائل: قال فلان برأسه أو بيده، إذا حركه وأومأ، ونظير قول الشاعر:
अज्ञात पृष्ठ