ساجد المنخر يرفعه
خاشع الطرف أصم المستمع
وكما قال جرير بن عطية:
لما أتى خبر الرسول تضعضعت
سور المدينة والجبال الخشع
وقال آخرون: معنى قوله: { يهبط من خشية الله } أي يوجب الخشية لغيره بدلالته على صانعه كما قيل: ناقة تاجرة: إذا كانت من نجابتها وفراهتها تدعو الناس إلى الرغبة فيها، كما قال جرير بن عطية:
وأعور من نبهان أما نهاره
فأعمى وأما ليله فبصير
فجعل الصفة لليل والنهار، وهو يريد بذلك صاحبه النبهاني الذي يهجوه، من أجل أنه فيهما كان ما وصفه به. وهذه الأقوال وإن كانت غير بعيدات المعنى مما تحتمله الآية من التأويل، فإن تأويل أهل التأويل من علماء سلف الأمة بخلافها فلذلك لم نستجز صرف تأويل الآية إلى معنى منها. وقد دللنا فيما مضى على معنى الخشية، وأنها الرهبة والمخافة، فكرهنا إعادة ذلك في هذا الموضع. القول في تأويل قوله تعالى: { وما الله بغافل عما تعملون }. يعني بقوله: { وما الله بغافل عما تعملون } وما الله بغافل يا معشر المكذبين بآياته والجاحدين نبوة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، والمتقولين عليه الأباطيل من بني إسرائيل وأحبار اليهود، عما تعملون من أعمالكم الخبيثة وأفعالكم الرديئة ولكنه يحصيها عليكم، فيجازيكم بها في الآخرة أو يعاقبكم بها في الدنيا. وأصل الغفلة عن الشيء: تركه على وجه السهو عنه والنسيان له، فأخبرهم تعالى ذكره أنه غير غافل عن أفعالهم الخبيثة ولا ساه عنها، بل هو لها محص، ولها حافظ.
[2.75]
अज्ञात पृष्ठ