وأما الإمام نفسه الذي استحل ذلك فالبراءة منه، وممن تابعه على ذلك ودان بطاعته، وإنما لم تجب البراءة ممن في الدار لحال التقية وما وسع الله في ذلك، وأما المستحل لذلك فلا يسع جهل كفره، ولا تحل ولايته، ولا ولاية من تولاه، ولا الشك فيه ، ولا في ولاية من تولاه على استحلاله.
وأما حال الداخلين في ذلك البلد -عندنا- فلهم كتمان دينهم، ولا يحل لهم الرضى بذلك صدرا، وبالله التوفيق.
فهذا ما يدلك على أن كل متأول كتاب الله على غير الحق مستحل لما حرم بتحريف التأويل، كافر، وإن قال أحد: إنه مسلم، فقد أباح الحرام.
مسألة: [في الجهل]
- وسأل فقال: ما تقول فيمن قال: إن الأشياء كلها مباحة، وإن الراكب لما لا يعلم سالم، ولو ركب لما حرمه الله عليه بجهل مثل /152/ تزويج الأمهات، وأكل الميتة، وسفك الدماء، وأكل الربا، ولم يعلم أن الله حرم هذا أنه سالم، ولا شيء عليه في ذلك؟
قيل له: هذا قائله قد أباح ما حرم الله بالجهل، والله تعالى لم يعذر أحدا بالجهل، وقد قال الله تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم}، وقال: {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا}، وقال: {ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون}، ففي كل هذا لا يجوز قول هذا القائل.
وقال الله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}، فلو كان أباح الأشياء وركوبها على الجهل لم يقل: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}، ولكان قد أهملهم. فلما أمرهم بالسؤال، ونهى أن يقفوا ما ليس لهم به علم، دل ذلك أن الأشياء غير مباحة، وأنها محجورة، ولا يجوز ركوب شيء مما حرم الله بجهل ولا علم ولا تعمد، ولا يحل إلا ما أحله الله بعلم ومعرفة مع السؤال عن ذلك.
पृष्ठ 210