255

اختلف الناس في الحائض تسمع آية السجدة. فقال بعضهم: عليها أن تسجد، وقال آخرون: إذا طهرت سجدت، وقال أصحابنا: لا سجود عليها في ذلك، وهذا هو الذي يوجبه النظر، ويدل اللب عليه، لأن الأمة أجمعت أن الحائض لا صلاة عليها وأنها ممنوعة من الصلاة لأجل حيضها، فإذا بطل فرض الصلاة عنها لعلة الحيض فالسجدة أولى أن لا تجب عليها، وأيضا فإن نفس سجود القرآن مختلف في إيجابه على الطاهرة، فأما الحائض فلا معنى لسجودها إذ السجود صلاة، والصلاة لا تجوز بغير طهور، ولا سبيل للحائض إلى الطهر، إنما يجب بزوال الحدث، وحدث الحائض قائم بحاله، ومحال أن تكون الحائض بالماء متطهرة وحيضها موجود، والموجب عليها السجود في حالها بعد التطهر من الحيض أيضا محتاج إلى دليل؛ واختلف أصحابنا في الجنب يقرأ القرآن، فروى علي بن أبي طالب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمتنع عن قراءة القرآن إلا إذا كان جنبا، وروي عن ابن عمر أنه سئل عن الجنب هل يقرأ القرآن؟ فقال: لا، قيل له: فآية، قال: ولا نصف آية. وروي عن ابن عباس أنه أجاز للجنب أن يقرأ القرآن الآية والآيتين. وروي عن غير هؤلاء من الصحابة إجازة القراءة للجنب، والمشهور مما عليه من الفقهاء أن الجنب لا يقرأ القرآن لما عندهم في ذلك من الروايات الصحيحة، وضعف بعض أصحاب الحديث ما روي عن علي بن أبي طالب. وبعض المتفقهة ممن أجاز القراءة للجنب تأول حديث علي بن أبي طالب على غير وجهه، فإذا كان الجنب ممنوعا من قراءة القرآن فالحائض أولى عندي بالمنع؛ والله أعلم.

पृष्ठ 255