والنظر يوجب (¬1) أن القرآن والسنة حكمان (¬2) كل واحد منهما بالآخر. ويدل على ذلك قول الله جل ذكره: { وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى } (¬3) فأخبر جل ذكره أن الكل من عنده وبأمره. واختلفوا في ذلك من وجه آخر، فزعم قوم أن الآيتين إذا أوجبتا حكمين مختلفين، وكانت إحداهما متقدمة للأخرى، فالمتأخرة ناسخة للأولى لقول (¬4) الله عز وجل: { كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين } (¬5) نسخه قوله بعد ذلك: { ولأبويه لكل واحد منهما السدس } ?وقال: { فإن لم يكن له ولد، وورثه أبواه فلأمه الثلث } (¬6) فالآخرة ناسخة للأولى، ولن يجوز أن تكون لهما الوصية والميراث. وقال آخرون: بل ذلك جائز وليس في الآيتين ناسخ ولا منسوخ، وإنما نسخ الوصية للوارث بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . قالوا: فالناسخ لا يكون إلا ما يجوز (¬7) اجتماعه والمنسوخ (¬8) فلا (¬9) يجوز الحكم بهما في حال واحد على إنسان واحد، والنظر يوجب عندي والله أعلم أن { الوصية للوالدين والأقربين? } غير منسوخة، وقول النبي صلى الله عليه وسلم "لا وصية لوارث" ليس نسخ لها وإنما هو بيان لحكمها (¬10) لأنه من ليس بوارث من والدين وأقربين فالوصية لهم واجبة، ومن لم (¬11) يقل إنها واجبة فعنده إنها جائزة، فهذا يدل على أن النهي صلى الله عليه وسلم بين (¬12)
¬__________
(¬1) في (ب) و (ج) يوجب عندي.
(¬2) في (ب) حكمان لله ينسخ.
(¬3) سورة النجم: 4.
(¬4) في (ج): كقول.
(¬5) سورة البقرة: 180.
(¬6) سورة النساء: 11.
(¬7) في (ب) و (ج) إلا ما لا يجوز.
(¬8) في (ب) و (ج): مع.
(¬9) في (ب) و (ج) ولا.
(¬10) قال تعالى في هذا المعنى: (قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب) سورة المائدة: 15.
(¬11) في (ب) ومن لم يقل وقال: "وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم" سورة إبراهيم: 4.
(¬12) بين: لا توجد في (ب)..
पृष्ठ 24