وأما قوله: { يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة. } (¬1) كان الرجل قبل الإسلام إذا مات وترك امرأته، قام إليها ابنه من غيرها أو وارثه من قرابته إذا لم يكن له ولد طرح ثوبه على امرأة حميمه، فيرث نكاحها بالمهر الأول مهر الميت ثم يمسكها، فإن كانت شابة جميلة ذات مال عجل بها رغبة في مالها وشبابها، وإن كانت كبيرة دميمة أمسكها ولم يدخل بها وضارها حتى تفتدي منه إليها بمالها ثم يخلي سبيلها، فأنزل الله هذه الآية: { لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة?وهو الزنا والله أعلم. وقال قوم: هو النشوز، فإذا فعلت ذلك حل له أخذ المهر منها والفداء، فكان (¬2) الناس كذلك حتى نشزت جميلة بنت عبد الله بن قيس (¬3) من زوجها ثابت بن قيس الأنصاري مرتين تشكو ثابتا بن قيس فيردها أبوها إليه ويقول: يا بنية ارجعي إلى زوجك واصبري، فلما رأت أن أباها لا يشكيها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكت إليه وذكرت إنها له كارهة فأرسل إلى زوجها فقال: يا ثابت: مالك ولأهلك؟ قال: والذي بعثك بالحق نبيا ما على ظهر الأرض أحب إلي منها غيرك، وإني لمحسن إليها جهدي، قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما تقولين فيما قال ثابت؟ فكرهت أن تكذب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سألها فقالت: صدق يا رسول الله، ولكن تخوفت أن يدخلني النار. يعني إنها مبغضة له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتردين عليه ما أخذت منه ويخلي (¬4)
¬__________
(¬1) النساء: 192.
(¬2) في (ب) و (ج): وكان الناس.
(¬3) في (ب): أبي قيس.
(¬4) في (ب) و (ج): ويخلي لك سبيلك..
पृष्ठ 20