ويدل على ذلك أن المسرف يكون عاصيا في إنفاقه ماله وهو عاص لربه بنهي الله إياه، مع ذلك فهبته وعطيته وبيعه وشراؤه جائز؛ لأنه ملكه وإن كان في فعله آثما؛ فإن قال : ولم لا يجوز أن يكون الفقراء خصوما فى مطالبته الزكاة إذا غاب الإمام وعدم، وأن يقوموا في ذلك مقام أصحاب الدين، إذ الزكاة هي لهم؟ قيل له: إن الزكاة هي لجماعة الفقراء وليس هي لقوم منهم دون قوم غيرهم بأعيانهم فيكونوا خصوما فيها، ألا ترى أن الذي عليه الزكاة لو لم يعطها لهؤلاء الخصوم وأعطاها غيرهم جاز له، فلذلك قلنا ما قلنا وبالله التوفيق.
... مسألة ...
اختلف علماؤنا في رجل مات وعليه دين لرجل، ولم يوص إلى أحد من الناس ، ولم يكن لصاحب الدين بينه على الميت، فقال بعضهم: إن قدر على شيء من مال الهالك من العروض والحيوان أخذه سرا وباعه واستقضى منه وقبض حقه ويقيم نفسه في ذلك مقام الحاكم.
وقال آخرون: ليس له ذلك ويكون متعديا في الظاهر والباطن؛ لأنه يفعل بغير أمر الله؛ لأنه ليس بوكيل فيما يبيع ولا وصي. فأجمعوا على أنه إذا وجد في مال الهالك مثل عين (¬1) ماله من الجنس الذي له من الذهب والفضة، أو ما يضبط بالكيل والوزن ويتساوى ولا يختلف أن له أخذ ذلك إذا قدر عليه سرا، ولا يأخذه جهارا، ويواجه بأخذه ظاهرا، لأنه يكون متعديا في الظاهر.
¬__________
(¬1) في (أ) غير.
पृष्ठ 139