كان ذلك من حيث الموضوع أو من حيث الأركان والشروط أو من حيث المخرج، إلا أن يُحمل معنى الفتوى على غير قليل من التجوز والتسامح (١).
تلك هي الجهود التي وقفنا عليها والتي اهتم أصحابها بجمع شيء من مقالات ابن عاشور. ومهما كان من محدودية تلك الجهود من حيث الإحاطة والشمول، ومهما كان تفاوتها وقصور بعضها من حيث الدقة والاستقصاء في التحقيق والتوثيق، فإنها أسدت لا محالة خدمةً جليلة بجعل جزء مهم من تراث ابن عاشور - المنثور في مجلات وصحف متعددة باعد الزمان بيننا وبينها عبر بلدان مختلفة - في متناول القراء والباحثين. وهي بذلك مهدت جانبًا من الطريق وفتحت أمامنا أفقًا مهمًّا، فيسرت علينا ما أقدمنا عليه وتجشمناه في صناعة هذا المجموع أو الجمهرة لمقالات ابن عاشور ورسائله وما ألحقناه بها، وذلك على الأقل بأن نبهتنا إلى تدارك بعض ما شابها من مظاهر القصور التي ألمحنا إليها. ولذلك فليس جهدُنا فيما عزمنا عليه إلا بناءً على ما صنعه أولئك السابقون وتكميلًا لما بدؤوه.
منهجنا في هذه الجمهرة جمعا وترتيبا:
قام عملُنا في هذا المجموع على قاعدة الاستيعاب لما أمكننا الوصول إليه من المقالات والبحوث العلمية، مما نشره عدد من المجلات التي تعامل معها ابن عاشور من أول مسيرته الفكرية كاتبًا ومصنفًا، منذ منتصف العقد الأول من القرن الميلادي العشرين، ومن الرسائل والأبحاث التي نُشرت مستقلةً سواء لتكون جزءًا من المقررات العلمية لطلبة الزيتونة أم لا، معرضين عن الفتاوى إلا نزرًا يسيرًا جدًّا أدرجناه في الموضع الذي خصصناه للمسائل الفقهية الفرعية. وقد حدانا إلى هذا الاختيار من الاستيعاب والاستبعاد سببان رئيسان: الأول أن فتاوى ابن عاشور قد كفانا مؤنتَها
_________
(١) انظر مثالًا لذلك في مراجعتنا لكتاب "فتاوى الشيخ الإمام محمد الطاهر ابن عاشور"، مجلة التجديد (المجلد ١٠، العدد ٢٠، ١٤٢٧/ ٢٠٠٦)، ص ٢٢٦ - ٢٢٨.
1 / 20