جمهرة الأمثال | 1 | PageV01P001

पृष्ठ 1

بسم الله الرحمن الرحيم

أحمد الله حمد الشاكرين وأشهد بوحدانيته شهادة العارفين وأقر بإحسانه في إيضاح السبيل وإقامة الدليل وتوكيد الحجة وتبيين المحجة إقرار الخاضعين

وأثني عليه بسالف نعمته وفارط منته في مثل ضربه ومثال نصبه لينتهى إليه العارف فيرشد ويهتدى بهديه فيتسدد ثناء المخلصين

ودل على فضيلة ذلك في محكم بيانه ومنزل فرقانه فقال جل ثناؤه

يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له

وقال

وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة

وقال

ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون

وقال

ضرب الله مثلا عبدا مملوكا

وقال

إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها

وقال

وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم

إلى غير ذلك مما أشار به إلى منافع الأمثال في متصرفاتها وحسن مواقعها في جهاتها

पृष्ठ 3

ونحن نسأل الله ان ينفعنا بها كما وقفنا عليها ويقيض لنا عائدتها كما رزقنا معرفتها وأن يصلى على رسوله الذي جعله واسطة بينه وبيننا فيها وفيما يهدينا ويأخذ بأيدينا منها ثم من سائر آياته المحكمات وحججه البالغات وعلى آله الطاهرين وعترته المنتجبين وأصحابه المختارين ويسلم تسليما

ثم إنى ما رأيت حاجة الشريف إلى شيء من أدب اللسان بعد سلامته من اللحن كحاجته إلى الشاهد والمثل والشذرة والكلمة السائرة فإن ذلك يزيد المنطق تفخيما ويكسبه قبولا ويجعل له قدرا في النفوس وحلاوة في الصدور ويدعو القلوب إلى وعيه ويبعثها على حفظه ويأخذها باستعداده لأوقات المذاكرة والاستظهار به أوان المجاولة في ميادين المجادلة والمصاولة في حلبات المقاولة وإنما هو في الكلام كالتفصيل في العقد والتنوير في الروض والتسهيم في البرد فينبغى ان يستكثر من انواعه لأن الإقلال منها كاسمه إقلال والتقصير في التماسه قصور وما كان منه مثلا سائرا فمعرفته ألزم لأن منفعته أعم والجهل به أقبح

पृष्ठ 4

ولما عرفت العرب أن الأمثال تتصرف في أكثر وجوه الكلام وتدخل في جل أساليب القول أخرجوها في أقواها من الألفاظ ليخف استعمالها ويسهل تداولها فهى من أجل الكلام وأنبله وأشرفه وأفضله لقلة ألفاظها وكثرة معانيها ويسير مئونتها على المتكلم مع كبير عنايتها وجسيم عائدتها

ومن عجائبها أنها مع إيجازها تعمل عمل الإطناب ولها روعة اذا برزت في أثناء الخطاب والحفظ موكل بما راع من اللفظ وندر من المعنى

والأمثال أيضا نوع من العلم منفدر بنفسه لا يقدر على التصرف فيه الا من اجتهد في طلبه حتى أحكمه وبالغ في التماسه حتى أتقنه

وليس من حفظ صدرا من الغريب فقام بتفسير قصيدة وكشف أغراض رسالة أو خطبة قادرا على ان يقوم بشرح الأمثال والإبانة عن معانيها والإخبار عن المقاصد فيها وإنما يحتاج الرجل في معرفتها مع العلم بالغريب إلى الوقوف على أصولها والإحاطة بأحاديثها ويكمل لذلك من اجتهد في الرواية وتقدم في الدراية فأما من قصر وعذر فقد قصر وتأخر وأنى يسوغ الأديب لنفسه وقد علم ان كل من لم يعن بها من الأدباء عناية تبلغه أقصى غاياتها وأبعد نهاياتها كان منقوص الأدب غير تام الآلة فيه ولا موفور الحظ منه

पृष्ठ 5

ولما رأيت الحاجة اليها هذه الحاجة عزمت على تقريب سبلها وتلخيص مشكلها وذكر أصولها وأخبارها ليفهمها الغبي فضلا عن اللقين الذكى فعملت كتابى هذا مشتملا منها على ما لم يشتمل عليه كتاب اعرفه وضمنته إياها ملخصة لا يشينها الإهذار ولا يزرى بها الإكثار ولا يعيبها التقصير والإفلال منظومة على نسق حروف المعجم ليدنو مجتناها ويسهل مبتغاها

وميزت ما أورد حمزة الأصبهانى من الأمثال المضروبة في التناهى والمبالغة وهي الأمثال على أفعل من كذا فأوردت منها ما كان عربيا صحيحا ونفيت المولد السقيم ليتبرأ كتابى من العيب الذي لزم كتاب حمزة في اشتماله على كل غث من أمثال المولدين وحشوة الحضريين فصارت العلماء تلغيه وتسقطه وتنفيه

ويجرى في خلال ما فسرت منها ومن غيرها حكايات وأشعار تصلح أن تكون امثالا وكتبت بإزائها من الحاشية ميما لتتميز مما يجاورها فتؤخذ وتستعمل في المواضع التى تصلح لها

وما توفيقنا الا بالله عليه نتوكل وبه نستعين وهو حسبنا ونعم الوكيل

पृष्ठ 6