جارية صغيرة ... مشغولة باللعب
صاحت وقد روّعتها ... بقبلة واحربي
أنت وربّي يا فتى ... تريد أن تصنع بي
إيّاك أن يدعو علي ... ك اليوم أمّي وأبي
فلم أزل أختلها ... حتى علوت مركبي
وهي كغصن مالت الرّ ... يح به مضطرب
تجود عيناها بجا ... ري دمعها المنسكب
من مليح ما قيل في الصغار
ومن مليح ما قيل في الصغار قول أبي نواس الحسن بن هانىء:
حين أوفى على ثلاث وعشر ... لم يطل عهد أذنه بالشنوف
وبه غنّة الصبا تعتليها ... بحّة الاحتلام للتشريف
حين رام أنسنا منه بعين ... وثنى أختها من التخويف
وقال عبد الله بن الحسين الكاتب:
جاريةٌ أذهلها اللعب ... عمّا يقول الهائم الصبّ
شكوت ما ألقاه من حبّها ... فأقلت تسأل ما الحبّ
وقال ابن المعتز:
الآن زاد على عشر بواحدة ... وزاد أخرى وشاب الحبّ بالخدع
وجاوب اللحظ منه لحظ عاشقه ... وجرّر الوعد بين اليأس والطمع
وكان غرًّا بقتلي ليس يحسنه ... والآن بدّع في قتلي على البدع
وقال غيره:
إني بليت بطفلة ... هيفاء جائلة الوشاح
ومليحة يا ويلتي ... ماذا لقيت من الملاح
ما جاز عشرًا سنّها ... بيضاء كالقمر اللّياح
وقال أعرابي في جارية صغيرة وعده أبوها أن يزوجها منه:
أعلقني بعشقها أبوها ... مليحة العينين عذبٌ فوها
قليلة الأيام إن عدّوها ... لا تحسن السبّ إذا سبّوها
وقال قيس بن الملوح:
وعلّقت ليلى وهي غرٌّ صغيرة ... ولم يبد للأتراب من ثديها حجم
صغيرين نرعى البهم يا ليت أنّنا ... إلى الآن لم نكبر ولم تكبر البهم
من نوادر مزيد المديني
مزيد المديني، قالت له امرأته يومًا ليس شيء أربح من عمل النبيذ، فعملته، فأتاها برجل معه درهم واحد. فقالت له: لا أبيعه إلا جملة، فأتى صاحب الشرطة فقال له: إن امرأتي عندها نبيذ؛ فوجه الحرس، وقال: كونوا معه، فإن كان في بيته نبيذ فاطرحوه وامرأته في الحبس، وإن لم يكن فيه شيء فردوه إلي.
فجاءوا فدخلوا منزله فوجدوا النبيذ. فقال لامرأته: قد جئتك بمن يأخذه جملةً، فكسروا جرار النبيذ وجلدوهما جميعًا، ومضوا بهما إلى الحبس، فلما حصلا فيه قال لامرأته: وأزيدك فائدة نحن فيه لم تخطر ببالك. قالت: وما هي يا مشؤوم؟ قال: استرحنا من كرى البيت.
وزفت إليه امرأة فأتته الماشطة وهي تجلي، فقالت: انحلها شيئًا. قال: قد نحلتها تطليقة.
ودفع قميصه إلى الغسال، فرده إليه وقد نقص شبرًا. فقال: ليس هذا قميصي؛ قميصي أتم من هذا شبرًا. قال: جعلت فداك! إنما تقلص في الغلس لأنه قطن. فقال له مزيد: اقعد حاسبني، في كم غسلة يرجع جرمازًا.
ودخل على بعض الموالي وكان المولى ذا مال كثير وهو على سرير ممتد، وبين يديه ولد من ولد أبي بكر الصدق وآخر من ولد عمر بن الخطاب وهما على الأرض. فتجهمه وقال: قبحك الله يا مزيد، فما أكثر إلحافك، وأشد إجحافك! كل يوم تأتيني سائلًا! قال: لم آتك في مسألة، وإنما أتيتك أسألك عن معنى قول الحارث بن خالد المخزومي:
إنّي وما نحروا غداة منىً ... عند الجمار تؤودها العقل
لو بدّلت أعلى منازلها ... سفلًا وأصبح سفلها يعلو
فلما رأيتك فوق ورأيت هذين تحتك عرفت معنى البيتين.
فقال: اعزب عليك لعنة الله، وارتج المجلس ضحكًا.
شعر ابن أبي ربيعة والحارث المخزومي
1 / 66