البحتري:
رددن ما خفقت منها الخصور إلى ... ما في المآزر فاستثقلن أردافا
إذا نضون شغوف الريط آونةً ... قشرن عن لؤلؤ البحرين أصدافا
ابن الرومي:
النار في خدّيه تتّقد ... والماء من برديه يطّرد
ضدّان قد جمعا كأنّهما ... دمعي يسحّ ولوعتي تقد
وقال:
صدور فوقهنّ حقاق عاجٍ ... ودرٌّ زانه حسن اتّساق
يقول القائلون إذا رأوه ... أهذا الدرّ من تلك الحقاق؟
أخذه من قوله عبد الله بن السمط:
كأن الثدي إذا ما بدت ... وزان العقزد بهنّ النحورا
حقاقٌ من العاج مكنونةٌ ... حملن في الدرّ شيئًا يسيرا
أبو النجم الكاتب:
فيا عجبي من صورةٍ آدميّةٍ ... علاها بياض الشمس في صفرة القمر
فجاءت كمثل الدرّ يشرق لونها ... وريحانة البستان للشمّ والنظر
يذكرني رؤياك ريحًا مريضة ... جرت بنسيم الروض في غلس السّحر
ابن الرومي:
فالعين لا تنفكّ من نظرٍ ... والقلب لا ينفكّ من فكر
ومحاسن الأشياء فيك معًا ... فملالتيك ملالتي بصري
وقال:
لا شيء إلاّ وفيه أحسنه ... فالعين منه إليه تنتقل
فوائد العين فيه طارفة ... كأنما أخرياتها الأول
وقال عبد القادر بن شعيب السلمي:
يا حصن مسلمة الذي أهدى لنا ... حور الظباء سقيت صوب الماطر
قد كان يبلغني فكنت مكذبًا ... عن حسن أهلك في الزمان الغابر
حتى رأيت الشمس أشرق نورها ... في الحيّ بين خلاخلٍ وأساور
ورأيت غزلان الخدور سوافرًا ... يبسمن عن كالأقحوان الزاهر
فجنيت من ثمر الصبابة والهوى ... وشممت من ورق السرور الناضر
فرمين منّي مقتلًا فقتلنني ... يا من رأى ليثًا قتيل جآذر
ومر أعرابي بأبي نواس وهو ينشد بعض الأمراء:
ويلي على نجل العيو ... ن النّهد والقبّ البطون
الكاتبات عن الضمي ... ر لنا بألسنة الجفون
فقال الأعرابي: ويلك أنت وحدك من هذا؟ بل ويلي أنا وويلي أبي وأمي وبني عمي، وهذا الفاعل القائم بين يديك.
التقعر في الكلام
كان رجل من التجار له ولد يتقعر في كلامه، ويستعمل الغريب؛ فجفاه أبوه استثقالًا له وتبرمًا به، ومما كان يأتي به، فاعتل أبوه علةً شديدة أشرف منها على الموت. فقال: أشتهي أن أرى ولدي، فأحضروهم بين يديه وأخر هذا ثم أخر حتى لم يبق سواه، فقالوا له: ندعو لك بأخينا فلان؟ فقال: هو والله يقتلني بكلامه، فقالوا: قد ضمن ألا يتكلم بشيء تكرهه؛ فأذن لهم. فلما دخل قال: السلام عليك يا أبت، قل أشهد أن لا إله إلا الله، وإن شئت قل أشهد أن لا إله إلا الله؛ فقد قال الفراء: كلاهما جائز، والأولى أحب إلى سيبويه. والله يا أبتي ما شغلني غير أبي علي، فإنه دعاني بالأمس، فأهرس وأعدس، وأرزز وأوزز، وسكبج وسبج، وزربج وطبهج، وأبصل وأمصل، ودجدج وافلوذج ولوزج.
فصاح أبوه العليل: السلاح السلاح، صيحوا لي بجارنا الشماس لأوصيه أن يدفنني مع النصارى وأستريح من كلام هذا البندق.
وهاج بأبي علقمة النحوي دم فأتوه بحجام؛ فقال له: اشدد قصب المحاجم، وأرهف ظبات المشارط، وأسرع الوضع، وعجل النزع، وليكن شرطك وخزًا، ومصك نهزًا، ولا تكرهن أبيًا، ولا تردن أتيًا.
فقال الحجام: ابعث خلفي عمرو بن معديكرب، وأما أنا فلا طاقة لي بالحرب.
وهاج به مرار فسقط فأقبل قوم يعضون إبهامه، ويؤذنون في أذنه؛ فقام من غمرات غشيته، فقال: ما لكم تكأكأتم علي كتكأكئكم على ذي جنة؛ افرنقعوا عني. فقال بعضهم: اتركوه فإن جنيته تتكلم بالهندية.
1 / 52