أو الثوري وأبو حنيفة لم يجز أن يقال قول هذا أصوب دون هذا إلا بحجة والله اعلم. أنتهى.
[هل يجوز الانتقال من مذهب إلى مذهب؟]
قال الشعراني عليه الرحمة في «الميزان»: ورأيت فتوى للجلال السيوطي عليه الرحمة مطولة قد حث فيها على أعتقاد أن سائر أئمة المسلمين على هدى من ربهم وإن تفاوتوا في العلم والفضل، ولا يجوز لأحد التفضيل الذي يؤدي إلى نقص في غير إمامة، قياسًا على ما ورد في تفصيل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. فقد حرم العلماء التفضيل المؤدي إلى نقص نبي أو أحتقاره، ولا سيما إن أدي ذلك إلى خصام ووقيعة في الأعراض.
وقد وقع الاختلاف بين الصحابة في الفروع وهم خير الأمة، وما بلغنا أن أحدًا منهم خاصم من قال بخلاف قوله، ولا عاداه ولا نسبه إلى خطأ ولا قصور نظر.
وفي الحديث: «أختلاف أمتى رحمة» وكان الاختلاف على من قبلنا عذابًا. أنتهى.
ومعنى رحمة: أى توسعة على الأمة. ولو كان أحد من الأئمة مخطئًا في نفس الأمر لما كان أختلافهم رحمة. قال: وقد أستنبطت من حديث: «أصحابي كالنجوم بايهم أقتديتم أهتديتم» أننا إذا أقتدينا بأي إمام كان، أهتدينا، لأنه ﷺ خيرنا في الأخذ بقول من شئنا منهم من غير تعيين. أنتهى.
وقد دخل هارون الرشيد على الإمام مالك ﵁ عنه فقال له: دعني أبا عبد الله أفرق هذه الكتب التى ألفتها وأنشرها في بلاد الإسلام، وأحمل عليها الأمة، فقال له: يا أمير المؤمنين، إن أختلاف
1 / 208