ورمي الكتاب إلى الوزير، قال: فأخذ أبوك القلم، وتناول رقعة وجعل يكتب بمقتضى التوقيع إلى صاحب الشرط، فقال له ابن أبي عامر ما هذا الذي تكتب؟ قال: بإطلاق فلان، قال: فحرد وقال: من أمر بهذا؟ فناوله التوقيع، فلما رآه قال: وهمت، والله ليصلبن، ثم خط على ما كتب، وأراد أن يكتب: يصلب، فكتب: يطلق، قال: فأخذ والدك الرقعة، فلما رأى التوقيع تمادى على ما بدأ به من الأمر بإطلاقه، ونظر إليه المنصور متماديًا على الكتاب، فقال: ما تكتب؟ قال: بإطلاق الرجل، فغضب غضبًا أشد من الأول، وقال: من أمر بهذا؟ فناوله الرقعة، فرأى خطه، فخط على ما كتب، وأراد أن يكتب: يصلب، فكتب: يطلق، فأخذ والدك الكتاب، فنظر ما وقع به، ثم تمادى فيما كان بدأ به، فقال له: ماذا تكتب؟ فقال: بإطلاق الرجل، وهذا الخط ثالثًا بذلك، فلما رآه عجب، وقال: نعم يطلق على رغمى، فمن أراد الله إطلاقه، لا أقدر أنا على منعه، أو كما قال. مات الوزير أبو عمر ابن حزم قريبًا من الأربع مائة.
أحمد بن صفوان المرواني، أديب شاعر؛ ذكره أحمد بن فرج وأنشد له:
لهذا الياسمين علي حق ... أنا لشبيهه في الحسن رق
فلا زالت عرائشه تحيا ... بغادية لها طل وودق
غمام كالعريش أحم غض ... ينور منه في الجنبات برق
ولو سقيته من ماء وجهي ... لما وفيته ما يستحق
أحمد بن عبد الله بن الفرج النميري أندلسي، سمع من ابن وضاح وغيره، ومات بالأندلس سنة ثلاث وثلاث مائة.