29
وإذا ما اتفقنا على تعريف مبدأ السببية بأنه تلخيص لحالات التتابع المطردة وغير المشروطة التي لاحظناها في الماضي، فبأي حق إذن نطبقه على الحالات الذهنية، أعني على الإرادة مثلا التي لم يكتشف فيها بعد تتابع منظم؟ كيف يقيم الفيلسوف الجبري حجته على هذا المبدأ ليبرهن على حتمية بعض الحالات السيكولوجية، حين تكون - في رأيه - حتمية الوقائع التي لاحظناها هي المصدر الوحيد لهذا المبدأ نفسه؟ (17) إننا يقينا لدينا دافع لا يقاوم للبحث عن «السبب» في كل مكان، إن شئنا استخدام تعبير برادلي.
30
غير أن لونا معينا من «السبب» هو الذي يثير جميع المتاعب: «إننا قد نقول إن هناك لونا واحدا من «السبب»، واحدا فحسب، وعندئذ يوضع الإنسان والطبيعة على صعيد واحد. سواء أخذت فكرتك عن «السبب» من المذهب الآلي، أو بدأت من الإرادة، ووضعت الإنسان والطبيعة على صعيد واحد، فليس ثمة فارق عملي بين الاثنين، طالما أنك لا تميز بين الحالتين ... إننا قد نسلم بوجود «السبب»، لكنا قد نقول إن هناك أكثر من نوع واحد من «السبب» فهناك «سبب» آلي، لكنه لا يكفي لتفسير أدنى أنواع الحياة، دع عنك تفسير الذهن».
31
يقول تيلور
Taylor : «من المؤكد أنه ليس صحيحا أن التحديد السببي عن طريق المقدمات هو الصورة الوحيدة للرابطة العقلية. إذ يبدو واضحا أن هناك نمطا آخر من العلاقة ... وأعني به الترابط الغائي.»
32
ويؤدي بنا ذلك إلى تقسيم «كانط» للسببية: إلى سببية ظاهرية، وسببية نيومائية
noumenal . والسببية الظاهرية هي التي تختص بالتتابع المنظم للحوادث وتنطق على عالم الطبيعة. أما السببية النيومائية - وهي تتميز تماما عن هذه السببية التجريبية - فيسميها كانط بسببية الحرية أو العقل
अज्ञात पृष्ठ