وأقل ما يمكن أن يقال ضد هذه النظرية، التي ترى أن الفكرة الكلية لا بد أن تكون في ذاتها فكرة جزئية اختيرت لتكون ممثلة لسائر الأفراد، أن نسأل السؤال الآتي: ترى من أين جاءت فكرة «التمثيل» هذه؟ إننا إذا ما استخدمنا مقياس هيوم نفسه للزم أن نقول إن هذه الفكرة لم تستمد من انطباع حسي يقابلها؛ ومن ثم فلا وجود لها. ومن ناحية أخرى - مكررين ما سبق أن ذكرناه - إننا لا نستطيع أن نعرف أن موضوعات معينة متشابهة، أو أنه يمكن أن يمثلها فرد جزئي من بينها - اللهم إلا إذا ما قارنا بعضها ببعض، لكن المقارنة - كما سبق أن رأينا - تحتاج إلى شيء آخر - يجاوز الأشياء التي نقارن بينها. (11) لو صحت نظرية هيوم فسوف يصبح الاستدلال مستحيلا: «كل استدلال يتألف من عنصرين. فهو أولا عملية
، وهو ثانيا نتيجة
Result . والعملية هي إجراء نقيم به تركيبا معينا، وهي تتناول معطياتها، وبعملية بناء فكري تؤلف بينهما في كل واحد. وأما النتيجة فهي إدراك علاقة جديدة داخل هذه الوحدة
unity .»
19
ولكي نركب مقدمتين أو أكثر في كل واحد فلا بد أن تكون هناك نقاط اتصال والتقاء أو علاقة بين هذه المقدمات، أعني أن أطراف هذه المقدمات
Terminal
التي علينا أن نركب بينها في كل واحد لا بد أن تكون نقاطا واحدة. وهكذا نجد أنه في حالة «أ - ب» و«ب - ج» يتحد فيهما حد واحد هو «ب» بحيث يكون مشتركا بينهما، ولهذا ترانا نربط بينهما على النحو التالي «أ - ب - ج»: «وإذا ما حولنا مقدماتنا إلى كل واحد بهذا الشكل أمكن لنا أن ننتهي إلى النتيجة بمجرد اختبار المقدمات وحدها. فلو كانت «أ - ب - ج - د» صادقة من حيث مطابقتها للواقع، فإننا في هذه الحالة نستطيع أن نجد في «أ - ج» أو «أ - د» أو أيضا «ب - د» علاقات لم نكن نعرفها من قبل ... إننا في البداية نقوم بعمل معين في معطياتنا، وهذا العمل هو البناء أو التركيب، ثم بعد ذلك عن طريق الاختبار نكتشف وننتقي علاقة جديدة، وهذا الحدس هو النتيجة.»
20
وإذا أردنا أن نضرب مثلا على ذلك قلنا: «لو أن هناك ثلاثة أوتار هي أ، ب، ج، ضربت في وقت واحد، واستمعنا إليها فوجدنا أنها جميعا تحدث نغمة واحدة، فإن من الصعب أن نستدل من ذلك أن كلا منها كانت تساير الأخرى في نغمتها. لكن اضرب أولا الوتر أ، ب، ثم اضرب ثانيا ب، ج، فإنه في استطاعتي - في هذه الحالة، إذا لم يكن هناك اختلاف في النغمة بين أ، ب، وإذا لم يكن ثمة اختلاف بين ب، ج - أقول في استطاعتي في هذه الحالة أن أنتهي إلى تكوين مجموعة مثالية في تناسقها هي أ، ب، ج مؤتلفة ومتحدة تماما عن طريق التشابه في نغمة واحدة. وهذه المجموعة عبارة عن مركب ذهني. وإذا كان ثمة إدراك تحليلي أكثر من ذلك فإنه يضيف في هذه الحالة أن أ، ج مؤتلفتان في نغمة واحدة.»
अज्ञात पृष्ठ