124

بذل بوا جيلبرت جهدا في كبت ازدرائه وسخطه الجامحين، وأجاب قائلا: «إن براين دي بوا جيلبرت، أيها الأب الموقر، لا يرد على مثل هذه التهم الهوجاء والغامضة. وإن كان ثمة اتهام لشرفه فسيدافع عنه بجسده، وبهذا السيف الذي لطالما حارب به من أجل المسيحية.»

قال السيد الأعظم: «إننا نسامحك يا أخ براين، على الرغم من أن تفاخرك بانتصاراتك الحربية أمامنا ما هو إلا تمجيد لأعمالك الخاصة، وهو نابع من العدو الذي يغرينا بتمجيد عبادتنا. والآن، فليتقدم أمامنا أولئك الذين لديهم شهادة عن حياة هذه المرأة اليهودية ومحادثاتها.»

كان ثمة لغط في الجزء الأدنى من القاعة، وعندما سأل السيد الأعظم عن السبب كان الرد بأن بين الحشد رجلا كان طريح الفراش، وقد أعادت السجينة إلى أطرافه كامل قدرتها بدهان عجيب.

الفصل الثالث والثلاثون

سحب الفلاح المسكين الذي كان ساكسوني المولد أمام سياج منصة المحكمة. كان من المؤكد أنه لم يشف تماما؛ إذ كان يستند على عكازين وهو يتقدم لأداء الشهادة. وبكراهة شديدة، أدلى بشهادته مصحوبة بدموع غزيرة، ولكنه أقر بأنه منذ سنتين، عندما كان مقيما في يورك، ابتلي فجأة بمرض شديد عندما كان يعمل لدى إيزاك اليهودي الثري في مهنته، وهي النجارة، لدرجة أنه كان غير قادر على النهوض من سريره حتى أعادت له العلاجات التي أعطيت بتعليمات ريبيكا، وخاصة دهان يبعث الدفء وله رائحة كرائحة التوابل، القدرة على استخدام أطرافه على حد ما، وقال الرجل: «وإذا أذنت لي يا صاحب القداسة الكريم، فإني لا يمكنني أن أظن أن الفتاة كانت تقصد إلحاق أذى بي، على الرغم من أن حظها السيئ جعلها يهودية؛ لأنه حتى عندما كنت أستخدم دواءها كنت أتلو الصلاة الربانية وصلاة قانون الإيمان، ولم يقل جهدها الكريم قط ولو بمثقال ذرة.»

قال السيد الأعظم: «صمتا أيها العبد، واغرب عنا! إنه من الأنسب لحيوانات من أمثالك أن يعبثوا ويلعبوا بالعلاجات الشيطانية، وأن تعمل لدى أبناء الشيطان. هل معك ذلك الدهان الذي تتحدث عنه؟»

أخرج الفلاح، بعد أن تحسس صدره بيد مرتعشة، صندوقا صغيرا، على غطائه بعض الأحرف العبرية، وهو ما اعتبره معظم الحضور دليلا قاطعا على أن الشيطان هو صانعه. وبعد أن رشم بومانوار الصليب على صدره، أخذ الصندوق في يده. ولما كان على علم بمعظم اللغات الشرقية، فقد قرأ بسهولة الشعار المكتوب على الغطاء: «هو ذا قد غلب الأسد الذي من سبط يهوذا.» قال: «إن قوى الشياطين الغريبة هي التي يمكنها أن تحول الكتاب المقدس إلى تجديف على الرب، مازجة السم بطعامنا الضروري! أليس ثمة طبيب هنا يمكنه أن يخبرنا بمكونات هذا الدهان الغامض؟»

ظهر طبيبان، كما ادعيا، وكان أحدهما ناسكا والآخر حلاقا، وأقرا بأنهما لا يعرفان شيئا عن مواده، باستثناء أنهما ذاقا في طعمه المر والحناء، وهما كما اعتقدا من الأعشاب الشرقية. وعندما انتهى هذا الفحص الطبي، طلب الفلاح الساكسوني بتواضع أن يسترد الدواء، ولكن السيد الأعظم عبس بصرامة لدى سماعه الطلب، وقال للرجل المقعد: «ما اسمك يا رجل؟»

أجاب الفلاح: «هيج، ابن سنيل.»

قال السيد الأعظم: «إذن يا هيج يا ابن سنيل، أقول لك أن تكون طريح الفراش أفضل من أن تقبل أن تنتفع بدواء الكفار لتستطيع أن تنهض وتمشي.»

अज्ञात पृष्ठ