وبعد أن قالت ذلك غادرت الغرفة، وكان بوسع فرونت دي بوف أن يسمع صوت ارتطام المفتاح الثقيل، وهي توصد الباب مرة تلو أخرى من خلفها. وفي ذروة معاناته نادى على خدمه وحلفائه: «ستيفن، وسانت مور! كليمان وجايلز! إنني أحترق هنا بلا معين! النجدة، النجدة، يا بوا جيلبرت الشجاع ويا أيها الباسل دي براسي! إنه أنا فرونت دي بوف من ينادي! إنه أنا سيدكم، أيها الأتباع الخونة! أنا حليفكما وأخوكما في السلاح، أيها الفارسان حانثي اليمين والخائنان! فلتنصب كل اللعنات التي يستحقها الخونة على رءوسكم الجبانة، تتخلون عني لأهلك في بؤس هكذا! إنهم لا يسمعونني - إنهم لا يستطيعون أن يسمعوني - إن صوتي ضائع وسط ضجيج المعركة. إن الدخان يتكاثف أكثر فأكثر، النار قد أمسكت بالطابق الأسفل. آه، ليتني أستطيع أن أحصل على نفحة من هواء السماء، ولو اشتريتها بالفناء العاجل.»
الفصل الثامن والعشرون
عندما تم الاستيلاء على البرج الأمامي أرسل الفارس الأسود إشعارا بالحدث السعيد إلى لوكسلي، طالبا منه في الوقت نفسه أن يراقب القلعة مراقبة مكثفة؛ لمنع جمع المدافعين لقوتهم لهجوم مفاجئ، واستعادة التحصينات الخارجية التي فقدوها. استغل الفارس الوقت في إنشاء ما يشبه الجسر العائم، أو الطوف الطويل، آملا أن يتمكن بواسطته من عبور الخندق المائي على الرغم من مقاومة العدو.
عندما اكتمل بناء الجسر، خاطب الفارس الأسود المحاصرين قائلا: «لا فائدة من الانتظار هنا أكثر من ذلك يا أصدقائي؛ فالشمس تهبط نحو الغرب، ولدي من المهام ما لا يسمح لي بالتلكؤ معكم يوما آخر. من أجل ذلك، فليذهب أحدكم إلى لوكسلي، ويأمره بالبدء في إطلاق السهام على الجانب المقابل للقلعة، والمضي قدما كما لو كانوا على وشك الهجوم عليها؛ وأنتم، يا أصحاب القلوب الإنجليزية المخلصة، قفوا معي، وكونوا مستعدين لدفع الطوف بالطول فوق الخندق عندما تفتح البوابة الخلفية من ناحيتنا. اتبعوني عبره ببسالة، وساعدوني على تحطيم البوابة التي هنالك في الجدار الرئيس للقلعة. باسم الرب، افتحوا الباب وأنزلوا الجسر العائم.»
فتحت فجأة البوابة التي كانت تقود من الجدار الداخلي للبرج الأمامي إلى الخندق المائي، ودفع الجسر المؤقت إلى الأمام، وسرعان ما انزلق في الماء، مشكلا ممرا زلقا غير مستقر يسع رجلين لعبور الخندق المائي جنبا إلى جنب. واندفع الفارس الأسود بنفسه، يتبعه عن قرب سيدريك، فوق الجسر، ووصل إلى الجانب الآخر. حينئذ بدأ يضرب بوابة القلعة ببلطته، محتميا بعض الشيء من سهام المدافعين وحجارتهم بأنقاض الجسر المتحرك السابق، الذي كان فارس الهيكل هدمه عند تراجعه عن البرج الأمامي، تاركا ثقله لا يزال متصلا بالجزء العلوي من البوابة.
صاح لوكسلي: «باسم القديس جورج! اهجموا أيها اليوامنة الشجعان!»
عندئذ شد قوسه الجيد، وأطلق سهما مباشرة اخترق صدر جندي، كان، وفقا لتعليمات دي براسي، يأخذ قطعة حجر من أحد الأسوار ليلقيها على رأس سيدريك والفارس الأسود.
قال دي براسي: «أتتراجعون أيها الأوغاد الأنذال؟! بحق تل ماونت جوي حيث استشهدت القديس دينيس! أعطوني الرافعة !»
اختطفها وعاد لينقض على القمة الحجرية المخلخلة التي كانت شديدة الثقل، لدرجة أنها كانت إذا أسقطت لا تدمر فقط بقية الجسر المتحرك التي كانت تحمي المهاجمين اللذين كانا في المقدمة، بل أيضا تغرق الجسر العائم البسيط، المكون من عارضات خشبية، الذي كانوا قد مروا عليه. كانت القمة الحجرية الضخمة تتداعى بالفعل، وكاد دي براسي الذي كان لا يزال يبذل قصارى جهده أن ينجز مهمته، لولا أنه سمع صوت فارس الهيكل بالقرب من أذنه قائلا: «كل شيء ضاع، يا دي براسي، القلعة تحترق.»
رد الفارس: «أجننت لتقول هذا؟!» «إن النيران تلتهم الجانب الغربي كله، ولقد كافحت بلا جدوى لإخماده. قد رجالك للأسفل كما لو كنت تقودهم لهجوم، وافتح البوابة الخلفية. لا يوجد هناك سوى رجلين على الجسر العائم، اقذفوا بهما في الخندق، وشقوا طريقكم إلى البرج الأمامي. سأنطلق أنا من البوابة الرئيسة، وأهاجم البرج الأمامي من الخارج. وإذا تمكنا من استعادة ذلك الموقع فتأكد من أننا سندافع عن أنفسنا حتى تأتينا النجدة، أو على الأقل حتى يمنحونا شروطا عادلة.»
अज्ञात पृष्ठ