المدح. انتهى. والملك -بفتح الميم وكسر اللام وتخفف-: من تولى السلطة. وجمعه: ملوك.
وقوله "حولت" بالحاء المهملة؛ أي: غيرت، وحركت، والسخط - بفتح السين وضمها-: الغضب الشديد المقتضي للعقوبة. والنقمة -بكسر النون-: العقوبة.
والسوم: أصله الذهاب لطلب، ويستعمل الذاب وحده تارة، ومنه السائمة، وللطلب أخرى، ومنه: السوم في البيع، ويقال: سامه: كلفه العمل الشاق، والسوء: مصدر ساء، يسوء يراد به السيء، ويستعمل في كل ما يقبح، كأعوذ بالله تعالى من سوء الخلق، وسوء العذاب: أفظعه، وأشده بالنسبة إلى سائره.
والمعنى: أن الله تباركت أسماؤه، وتنزهت صفاته يخبرنا أنه مالك الملك، ومالك الملوك، ليس لأحد تصرف في الحقيقة، وإنما المتصرف في الملك والملكوت هو الله وحده، فإذا سكنت الرعية إلى ما جاءت به الأنبياء، وعملوا بقوانين الشريعة، وتمسكوا بمبادئها، وأظهروا العدل والمساواة، فرحم الكبير الصغير، ووفر الصغير الكبير، ووصلوا الأرحام، وأعانوا المظلومين على خصومهم، وضربوا على أيدي الظالمين بسياط من حديد حتى يفيؤوا إلى الحق، ويتوبوا، وينوبوا إلى الله جل ذكره، فإذا فعلوا ذلك؛ حركت قلوب ملوكهم عليهم، وهديتها، ووفقتها للعطف على الرعية، والرحمة بعبادي الصالحين المطيعين، فلا يرى الملك، أو السلطان له لذة إلا السهر على رعيته، والنظر في مصالحهم، ومنافعهم، والأمن على أرواحهم وأموالهم، ويراقب العدو، ويستعد له، ولا يغفل عنه، فهمه راحة الرعية، واطمئنانها، وإن العباد إذا عصوا الله تعالى، وخالفوا سنن رسله وأنبيائه، وعبثوا بالأحكام، وأظهروا الفسوق، والفواحش، وتعاملوا بالربا، وفشا الزنى، وحقر صغيرهم كبيرهم، وترك علماؤهم الوعظ، والتذكير، وصار أكبر همهم جمع الأموال التي هي حطام الدنيا، وغفلوا عن مصيرهمم، ومآلهم، حَّرك الله عليهم قلوب ملوكهم بالغضب عليهم، والتنكيل بهم، فلا يلذ لملكهم إلا ما يؤذيهم، ويضر بمصالحهم ومنافعهم، كما أخبر الله تعالى في القرآن الحكيم بقوله: ﴿وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾ "البقرة: ٤٩" وإذا علموا عبادي ذلك - أي: أن كل شيء من حركة، وسكون بيدي، وكل ما يقع في ملكي فأنا المتصرف فيه، المنفرد بخلقه، وإيجاده، لا يشاركني أحد فيه، فلا تشغلوا أنفسكم بالدعاء على
1 / 80