بالمعلوم، فإن كان ما قرره سابقا ملحوظا هنا فلا بد أن يقيد بأن يكون الخبران المتعارضان مخرجين عن الأصل بأن ثبت بهما حكم شرعي، غاية الأمر تعارضهما في الحكم وقد ذكرت في حاشية التهذيب كيف يتحقق هذا، وبأي نوع؟
وأزيد هنا: أن كلام المصنف في التهذيب (1) يقتضي أن مع تساوي الخبرين من غير ترجيح يجب أن يكون العمل هنا بما يوافق دلالة الأصل، وكلامه هنا كما سيأتي يفيد التخيير بين الخبرين، ولا يبعد أن يكون الكلام هنا في الخبرين المخرجين عن الأصل ، وإلا لتنافى كلامه الأول والأخير؛ حيث قال: إن القرينة تخرجه إلى المعلوم.
اللهم إلا أن يقال: إن مع التعارض يصير له حكم آخر.
وفيه: أنه كان ينبغي أن يقيد القول أولا بعدم المعارض.
ولا يذهب عليك أن كلام الشيخ من أوله إلى آخره يفيد العمل بخبر الواحد، سواء احتف بالقرائن أو لا، عارضه معارض أو لا؛ غاية الأمر أنه فصل الحال على ما ظنه من أن بعض الأفراد يفيد العلم وبعضها لا يفيد، فالإشكال في كلامه هنا ظاهر، (وهو أعلم بمراده) (2).
التاسعة:
قال الشيخ (رحمه الله)-: وإذا لم يمكن العمل بواحد من الخبرين إلا بعد طرح الآخر جملة لتضادهما وبعد التأويل بينهما كان العامل أيضا مخيرا في العمل بأيهما شاء من جهة التسليم.
والظاهر أن المراد بقوله: من جهة التسليم، هو الانقياد لكون الحديثين صدرا عن المعصوم، لأن أحدهما صحيح دون الآخر، وحيث لم
पृष्ठ 31