-10- - تبارك وتعالى - للميثاق الثابت عليه ، ولو جهل ذلك والأصل الذي بني عليه ، ولا تثبت له هو السلامة والإيمان والطاعة ، والنقض والمعصية منه حادثان بعد أن لم يكونا ، ولا يسعه جهل ذلك ، ولا يجوز أن يكون مطيعا بموافقة الطاعة ، مؤمنا بموافقة الإيمان ، ولو جهل ذلك ، أفتكون حجة الكفر أولى من حجة الإيمان ، وحجة المعصية في دين الله أولى من حجة الطاعة ، وحجة نقض العهد والميثاق أولى من حجة الوفاء بالعهد والميثاق ؟ إن هذا لهو الزور ، والكذب على الله وعلى رسوله وعلى دينه . فإما أن يكون من أطاع فلا طاعة منه حتى يعلم أنه أطاع ، ومن عصى فلا معصية منه حتى يعلم أنه عصى ، وإما أن يكون من أطاع فهو مطيع علم أو لم يعلم ، ومن عصى فهو عاص علم أولم يعلم .
فصل : فإن قال قائل : فلا يكون عاصيا بمعصية الله ، حتى يعلم أنه عاص ، فقد أتى بما لا يوافقه عليه أحد ، ومن عصى فهو عاص ، علم ذلك أو جهله ، على هذا أجمع المسلمون .
وكذلك من أطاع فقد أطاع ، علم بالطاعة أو لم يعلم ، إذا وافق الطاعة بوجهها وكمالها ، وجهل علم ذلك أنها طاعة ، فذلك مما يسع جهله أبدا ، ما لم يبلغ إليه علم ذلك ، أو يعرف المراد به مما لا يسعه جهله .
وإن قال : يكون هالكا بالمعصية إذا عصى ، علم أو لم يعلم ، ولا يكون سالما بالطاعة إذا أطاع ، حتى يعلم أنه أطاع ؟
قلنا له : قد اختلف عندك حكم الطاعة والمعصية ، فكانت عندك أحكام المعصية أولى وأوجب من أحكام الطاعة ، والمراد من المطيع أن يطيع ، والمراد من العاصي ألا يعص ، فقد عصى العاصي حيث أريد منه ألا يعصى ، فقلت إنه هالك ، وأطاع المطيع بما أريد منه أن يطيع ، فقلت إنه لا ينفعه وهو هالك ، وسواء أطاع أو لم يطع فهو عندك هالك حتى يعلم أنه
पृष्ठ 11