-46- يظهر منه ما يصدق به القول بالعمل الشاهر ، كما عرف منه التدين بالقول الشاهر ، وهذا هو أكثر القول فيما عرفنا والله الموفق للصواب .
والأحكام في ظاهر الأمور فيما تعبد الله عباده في الولاية والبراءة في ظاهر الأمور لا على السرائر ، ولا يكلف العباد حكم السرائر في شيء من الأمور ، فلو أن مصرا من الأمصار غلب عليه أهل الضلال وتظاهرت فيه الأديان بالضلال باستيلاء عليه ، أو تكافأت فيه تظاهر الأديان بدين أهل الاستقامة وأديان الضلال ، إلا موضعا واحدا معروفا ذلك الموضع وتلك البقعة وذلك البلد ، بالتمسك بدين أهل الاستقامة ، لا يعرف من أحد منهم تدين بدين ضلال ، كان ذلك الموضع وذلك البلد حكمه حكم أهل العدل ، وقضي له وعليه بأحكام أهل العدل ، وكان من ظهر منه في ذلك الموضع من أهله الجاري عليهم اسمه ، والنافذ عليهم حكمه صالحات الأعمال ، وظهر منه الخير، ولم يظهر منه شيء من الشر من تدين بضلال ولا انتهاك لما يدين بتحريمه ، كان ذلك داخلا في جملة من شهر عليه التسمي بدين أهل العدل ، ووجبت ولايته بغير محنة ، والشهرة لأهل بلد بالعدل ، والتسمي بالعدل في دينهم ، أصح من الشهرة لرجل بعينه في بلد ، فكما جازت الشهرة وقضت لرجل بعينه إذا شهر له ذلك ، وكان ذلك قاضيا له وعليه ، ولم تلزم فيه محنة إذا صح له التسمي بالعدل وعلم منه الصلاح في الأعمال ، ولم يعلم منه شر ظاهر ، ولو كان في دار مسئول عليها أهل الضلال ، أو في دار اختلاط أو في دار لا يصح له فيها حكم عدل ، فكذلك إذا صح بالشهرة لجميع أهل البلد ، كان البلد دارا لهم ، ولو كانت مسفاة من المسافي المتعلقة في بعض رؤوس الجبال ، أو منقطعة في فيافي من الأرض ، أو بلد معروف من مصر من الأمصار وسائر البلدان من المصر يشتمل عليها الاختلاط في التدين ، أو يغلب على أهلها التدين بالضلال ، ولو كان ذلك البلد الذي قد صح أن أهلها ينتحلون في دينهم نحلة أهل العدل والاستقامة من الأمة لم يكن يعرف فيه
पृष्ठ 47