-157- الخوف والأخطار ، ويلزم نفسه ذلك في البر والبحار ويخرج من الخوف وشرق عمان وأطرافها إلى سمائل وصحار ، ولعله يلزم نفسه ذلك ويخاف على نفسه في تخلفه المهالك ، ولا نعلم أن ذلك وسيلة ، ووجه من وجوه الفضيلة ، إن شاء فعل وان شاء لم يفعل ، ولا يجوز معنا ذلك على العام من الأمر بالخروج ، وإنما يراد به القصد إلى مفسر يخرج فيه بعينه ، فان فعل وسلم من أمر يلزم فيه نفسه ما لا يلزمه ، أو يدخل في تجسس عورة أو اغتنام عثرة ، فقد جاز الفضل اذا لم يضيع ما هو واجب منه من دينه من أمر عيال أو تضييع مال يقوم بالعيال ، ويدخل عليهم في ذلك مضرة في قوتهم ، وكذلك إن كان عثرة في أمر دينه ألزم ، فضيع ذلك وخرج في الوسيلة لم يسعه ذلك ولم تكن تلك وسيلة ، وقد ضيع الوسيلة والفضيلة بتضييع الفريضة .
فان قال قائل : أفليس قد جاء الأثر أنه يؤمر بالخروج في طلب دينه ، وقد جاء الأثر بذلك مجملا أن عليه الخروج في طلب دينه .
قلنا له : جاء الأثر أن على العبد أن يخرج في طلب علم دينه ، في الحال الذي يخص فيه ذلك المخصوص ، ولا يجوز أن يأمر رجل بعينه أن يخرج في طلب دينه ، حتى يعلم أن عليه الخروج ، إذا احتمل أن يكون له مخرجا من الخروج ، فاذا احتمل أن يكون له مخرجا من الخروج ، لم يجز أن يؤمر بالخروج ، والأغلب من الأمر أن ليس عليه الخروج حتى يخصه أمر الخروج ، وإنما يؤمر الناس بالأغلب من أمورهم حتى يخصهم المخصوص ، ولا يؤمروا بالمخصوص حتى يعلم منه حكم ذلك .
والناس مامونون على دينهم من أهل الإقرار بالدعوة على حكم السلامة، لا يحكم عليهم بجهل ولا بضلالة حتى يعلم منهم ذلك ، ولا يحكم لهم بهداية ولا استقامة ، ما لم يظهر منهم ذلك ، وإنما يوقف عن أمورهم عن الشهادة بالهداية لهم حتى يعلم ذلك . وعن الشهادة عليهم بالجهل والضلال حتى يعلم منهم ذلك ، فهو في حد الوقوف من ذلك كله ،
पृष्ठ 158