-129- بطاعتهم ونصرتهم ، والأموات قد غاب عنهم ذلك وبعد ، ولا طاعة قي على حي إلا ما قد وجب من إنفاذ طاعته ، والتمسك باحكامه النافذة .
فالمتعبد بالشيء في حينه غير السالم منه ، وحكمهما مختلف في لزوم الطاعة والولاية والبراءة ، ولا فرق بين ولاية الحي والميت ، والبراءة من الحي والميت .
وعلى ذلك أجمع المسلمون أن البراءة والولاية تلزم في الأحياء والأموات ، وأن الطاعة تلزم في الأحياء دون الأموات ، والمشاهد دون الغائب .
ومن ذلك أنهم قد أجمعوا أن على المسلمين أن يتولوا الأئمة في الأمصار وفي مواضعها إذا صح عدلها ، ويبرأوا من الأئمة في الأمصار إذا صح جورها ، ولو لم يكونوا في مملكة الامام العادل ، ولا الامام الجائر في الأحياء منهم .
وأجمعوا أنه لا طاعة للإمام على من لم يحمه ويمنعه من الجور والعدوان إلا أن يخص ذلك أحد ألزم نفسه طاعة الإمام بالبيعة له وألزم نفسه ذلك له ، وإنما تلزم طاعة الإمام أهل مصره المستولي عليه ، أو الموضع المستولي عليه المانع له من الجرر والعدوان ، فهنالك يلزم طاعة الامام في جميع ما أنفذ في رعيته من القصاص والأحكام والحدود ، وانفاذ جميع الأحكام وقبض الصدقات ، والنصرة له على أموره الواجبة عليه .
فصح أن الولاية غير الطاعة ، وأن الولاية أثبت من الطاعة ، وأن الطاعة إنما هي بالمشاهدة والمخاطبة من حجة الامام . ولو أن أحدا من رعية الإمام ، ممن يقدر على نصرة الإمام ، ويقدر على إنفاذ جميع الأحكام من الرؤساء والأعلام ، جامع لما يحتاج إليه الإمام من أمر منافع الاسلام ، سلمه الله من الامام أن يعرضه لشيء من أمره ، وقام الإمام بمن حضره من المسلمين ، بأمر دولة المسلمين ومصالح الحق ، إلى أن مات ذلك الرجل ولم يجز عليه الإمام حكما ، ولا أمره بأمر ، لكان بذلك سالما ، ولم نقل إنه لزمه
पृष्ठ 130