مفترياتٍ وادعوا مَنِ استطعتُم منْ دونِ اللهِ إنْ كنتُم صادقينَ) . الموضعُ الرابعُ: (أمْ يقولونَ افتراهُ قلْ فأتُوا بسورةٍ مثِلِهِ وادعُوا مَنِ استطعتُم منْ دونِ اللهِ إنْ كنتُم صادقينَ) الموضع الخامس: (أمْ يقولونَ تقوَّلَهُ بلْ لا يؤمنون فليأتوا بحديثٍ مثلِهِ إنْ كانوا صادقينَ) .
" دليلُ آخرُ " (قُل يا أيُّها الذينَ هادوا زَعَمْتُمْ أَنَّكم أولياء لله مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَّنوا الموتَ إن كُنْتُم صادقينَ ولا يتمنونَهُ أبدًا بما قدمتْ أيديهم واللهُ عليمُ بالظالمينَ) فلو لم يَعْلمُوا أنهُ رسولُ اللهِ وأنَّ خبَرَه حقَّ وصدقُ لبادروا إلى ما يبطلُ دعواهُ ويكذبُ خبرهُ.
" دليلُ آخرُ " خاص باليهود والنصارى والعرب قوله تعالى: (الذينَ يتَّبعُونَ الرسولَ النبيَّ الأُمِّيَّ الذي يجدونَهُ مكُتوبًا عِنْدَهُمْ في التوراةِ والإنجيل) وقد علموا أنه لا يعرف الكتابة ولا النظر في الكتب ولم يكن من شأنه.
" دليلُ آخرُ " (محمدٌ رسولُ اللهِ والذينَ مَعَهُ أشداءُ على الكفارِ رحماءُ بينهم تراهم ركَّعًا سجَّدًا يبتغُونَ فضلًا من اللهِ ورضوَانًا سيماهُمْ في وجوهِهِمْ مِن أَثرِ السُّجُودِ ذلك مثلهم في التوراةِ ومثلهم في الإنجيل) إلى آخرة الآية فالدلالة من ذلك من وجهين: " أحدهما ": أن هذه الصفات لا تكون إلا في الصادقين إذ كانت أعدل السمات واكمل الصفات. " الثاني ": ذكرهم في التوراة والإنجيل كما سبق.
" دليلُ آخرُ " مختص باليهود قوله تعالى: (والذينَ آتيناهُمُ الكتابَ يعلمونَ أنَّهُ مُنَزَّلٌ مِن ربِّكَ بالحقِ فلا تكونَنَّ مِنَ الممترِينَ) فلولا أنه يعلم أنهم يعلمون ذلك لما استجاز أن يخبرهم بأمرٍ يدعي معرفتهم به وهم لا يعرفونه.
" دليلُ آخرُ " قوله تعالى: (وإنْ يريدُوا أن يخدعُوكَ فإنَّ حَسْبُكَ اللهُ هو الذي أيَّدَكَ بنصرِهِ وبالمؤمنينَ. وألَّفَ بينَ قلوبِهِم لو أنفقتَ ما في الأرضِ جميعًا ما ألفتَ بين قُلُوبِهِم ولكنَّ اللهَ ألَّفَ بينهم إنه عزيزٌ حكيمٌ) قال ابنُ عبد البرِّ كان بين الأوس والخزرج من العداوة ما لم يكن بين أحدٍ من بني آدم فألَّفَ الله قلوبِهِم؛ لأجلِ نصرة نبيهِ محمدٍ ﷺ فصاروا يدًا واحدةً وقلبًا واحدًا.
" دليلُ آخرُ " قوله تعالى: (هوَ الذي أرسلَ رسولَهُ بالهدى ودينِ الحقِ ليظهرَهُ على الدين كُلِّهِ ولو كرِهَ المشركونَ) وهذا خبرٌ عن الغيب وكان كما أخبر.
" دليلُ آخرُ " قوله تعالى: (وعد َاللهُ الذينَ آمنوا مِنْكُمْ وعملُوا الصالحاتِ ليستخلفَّنهم في الأرضِ كما استخلفَ الذينَ من قبِلِهم وليمكنَنَّ لهم دينَهُمُ الذي ارْتَضَى لهمْ وليبدلَنَّهم مِنْ بعدِ خوفهم أمنًا يعبدونني لا يشركُونَ بي شيئًا) ومعلوم أن هذه سيرة أصحاب (في خوفهم أولًا، وأمنهم ثانيًا، واستخلافهم في الأرض. وهذا ظاهر الدلالة.
" دليلُ آخرُ " قوله تعالى:) وإنكَ لتهدِي إلى صراطٍ مستقيمٍ. صراطِ اللهِ الذي له ما في السموات وما في الأرضِ (فنظرنا فيما دعا إليه فكانت مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم صراط العقلاءِ ومختار النبلاءِ، وهي الأخلاق المأمور بها في قوله سبحانه:) وقضَى ربك أَلأَ تعبدُوا إلا إياهُ وبالوالديْنِ إحسانًا إما يبلغنَّ عندكَ الكِبَرَ أحدُهما أو كلاهُما فلا تقلْ لهما أفٍّ ولا تنهرْهُما وقلْ لَهُما قولًا كريمًا. واخفضْ لهما جناحَ الذُلِّ منَ الرحْمَةِ وقلْ ربِّ ارحمْهُمَا كما ربياني صغيرًا. ربُّكمْ أعلمُ بما في نفوسِكُمْ إنْ تكونُوا صالحينَ فإنهُ كان للأوابينَ غفورًا. وآتِ ذا القربى حقَّهُ والمسكينَ وابنَ السبيلِ ولا تبذرْ تبذيرًا. إنَّ المبذرينَ كانوا إخوانَ الشياطينِ وكانَ الشيطانُ لربهِ كفورًا. وإما تعرضَنَّ عنهُم ابتغاءَ رحمةٍ من ربكَ ترجوهَا فقل لهم قولًا ميسورًا. ولا تجعلْ يدكَ مغلولةً إلى عُنُقِكَ ولا تبسُطْها كُلَّ البَسْطِ فَتقعدَ ملومًا محسورًا. إنَّ ربكَ يبسطُ الرزقَ لمنْ يشاءُ ويقدِرُ إنه كانَ بعباِده خبيرًا بصيرًا. ولا تقتُلوا أولادَكم خشيةَ إملاقٍ نحنُ نرزقُهم وإياكُم إنَّ قتلهم كانَ خِطأً كبيرًا. ولا تقربُوا الزنا إنه كان فاحشةً وساءَ سبيلًا. ولا تقتلوا النفس التي حرمَّ اللهُ إلا بالحقِّ ومَنْ قُتِلَ مظلومًا فقد جعلنا لوليِهِ سلطانًا فلا يُسْرِفْ في القتل إنه كان منصورًا. ولا تقربُوا مالَ اليتيمِ إلا بالتي هي أحسنُ حتَّى يبلُغ أَشدَّهُ وأوفوا بالعهدِ إن العهدَ كان مسؤولًا. وأوفُوا الكيلَ إذا كِلْتُم وزِنُوا بالقسْطَاسِ المستقيمِ ذلك خيرٌ وأحسنُ تأويلًا. ولا تقفُ ما ليسَ لك بهِ علم إن السمعَ والبصرَ والفؤادَ كل أولئك كان عنه مسئولًا. ولا تمشِ في الأرض مرحًا إنك لن تخرقَ الأرضَ ولنْ تبلغَ الجبال طولًا، كلُّ ذلكَ كانَ سيئُّهُ عندَ ربِّكَ مكروهًا. ذلكَ مما أوْحَى إليكَ ربُّكَ من الحكمةِ ولا تجعلْ مَعَ اللهِ إلهًا آخرَ فتُلقى في جهنَّم ملومًا مدحُورًا (، وكذلك قوله تعالى:) إنَّ اللهَ يأمرُ بالعدلِ والإحسانِ وإيتاء ذي القُرْبَى ويَنْهَى عنِ الفحشاءِ والمنكرِ والبغيِ يعظِكُمْ لعلَّكمْ تذكَّرون) ومثل هذه السير العادلة والمكارم المستحسنة لا تجري على لسان ممخرق.
" دليلٌ آخرُ " على اليهود قوله تعالى: (كُلُّ الطعامِ كانَ حِلًا لبني إسرائيلَ إلا ما حرَّمَ إسرائيلُ على نفسهِ مِنْ قبلِ أَن تُنَزَّلَ التوراةُ قلْ فأتُوا بالتوراةِ فاتلُوها إنْ كنُتم صادقينَ. فمنِ افترى على اللهِ الكذبَ مِنْ بعدِ ذلكَ فأولئكِ هم الظالمونَ) روي أن إسرائيل أخذه وجعُ العِرْقِ الذي يقال له النَّسا فنذر لئن شفاه اللهُ تعالى منه ليحرِّمِنَّ أحب الطعام والشراب إليه، وكان أحب ذلك إليه لحوم الإبل وألبانها، فَشُفِيَ فوفى بنذره. وادعت اليهود أن ذلك كان حرامًا على نوحٍ حتى انتهى الأمر إليهم فبين الله تعالى بطلان دعواهم، وأمر أن يحاجهم بالتوراة فلم يجسروا على إخراجها، وفي ذلك الدلالة الظاهرة على صدق محمدٍ (.
" دليلٌ آخرُ " قوله تعالى:) فَارتَقِبْ يومَ تأتي السماءُ بِدُخَانٍ مبينٍ (وهي: السنون التي دعا النبيُّ) بها على أهل مكة. والدخان: الجدبُ سُمِّيَ دخانًا؛ لأن الغبار يزيدُ في الجدبِ فيكونُ كالدخان.
" فصل " قد توجه القرآن العظيم على مائة دليلٍ وأربعة عشر دليلًا عدد سورهِ فالتحدي بالطوال منه كالتحدي بالقصار، فعلى هذا السور القصار إذا أخذت عدلها كلماتٍ على ترتيبها كانت معجزة ويقع بهذا التحدي أو سورةٍ من القصار وعدلها من أي القرآن من أي سورةٍ كان كانت معجزة، فإذن تبلغ أدلة التعجيز منه مبلغًا يزيدُ على الألف دليلٍ، وهذا من أسرار الكتاب العزيز وعجائب التنزيل.
" دليلٌ آخرُ " قوله: (فإنْ لم تفعلُوا ولنْ تفعلُوا) أخبر أن
1 / 100