120

इस्तिज़कार जामिक

الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

अन्वेषक

سالم محمد عطا، محمد علي معوض

प्रकाशक

دار الكتب العلمية

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशन वर्ष

١٤٢١ - ٢٠٠٠

प्रकाशक स्थान

بيروت

وَرَوَى مُعَاوِيَةُ وَالْمِقْدَامُ بْنُ مَعْدِي عَنِ النَّبِيِّ ﵇ «ثُمَّ يَمْسَحُ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ» فَقَدْ تَوَهَّمَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ بَدَأَ بِمُؤَخَّرِ رَأْسِهِ لِقَوْلِهِ «فَأَقْبَلَ بِهِمَا» وَتَوَهَّمَ غَيْرُهُ أَنَّهُ بَدَأَ مِنْ وَسَطِ رَأْسِهِ فَأَقْبَلَ بِيَدَيْهِ وَأَدْبَرَ وَهَذِهِ كُلُّهَا ظُنُونٌ وَفِي قَوْلِهِ «بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ» مَا يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ لِمَنِ امْتَثَلَ نَفْسَهُ لِأَنَّهُ مُفَسِّرٌ لِقَوْلِهِ «فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ» وَهُوَ كَلَامٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ كَأَنَّهُ قَالَ فَأَدْبَرَ بِهِمَا وَأَقْبَلَ وَالْوَاوُ لَا تُوجِبُ رُتْبَةً وَلَا تَعْقِيبًا وَإِذَا احْتَمَلَ الْكَلَامُ التَّأْوِيلَ كَانَ قَوْلُهُ «بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ ثُمَّ ذَهَبَ بِهِمَا إِلَى قَفَاهُ» يُوَضِّحُ مَا أَشْكَلَ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا كُلُّهُ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ وَأَمَّا قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ يَبْدَأُ مِنْ مُؤَخَّرِ رَأْسِهِ فَإِنَّهُ قَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ أَنَّهَا وَصَفَتْ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَتْ «وَمَسَحَ رَأْسَهُ مَرَّتَيْنِ بَدَأَ بِمُؤَخَّرِ رَأْسِهِ ثُمَّ بِمُقَدَّمِهِ وَبِأُذُنَيْهِ ظُهُورِهِمَا وَبُطُونِهِمَا» وَقَدْ ذَكَرْنَا عِلَّةَ إِسْنَادِهِ فِي «التَّمْهِيدِ» وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ مَنْ عَمَّ رَأَسَهُ بِالْمَسْحِ فَقَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ وَأَتَى بِأَكْمَلِ شَيْءٍ فِيهِ وَسَوَاءٌ بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ أَوْ بِوَسَطِهِ أَوْ بِمُؤَخَّرِهِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَفْعَلْ مَا اسْتُحِبَّ مِنْهُ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ مَسَحَ بَعْضَ رَأْسِهِ فَقَالَ مَالِكٌ الْفَرْضُ مَسْحُ جَمِيعِ الرَّأْسِ فَإِنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْهُ كَانَ كَمَنْ تَرَكَ غَسْلَ شَيْءٍ مِنْ وَجْهِهِ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ مذهب مالك وهو مذهب بن علية قال بن عُلَيَّةَ قَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِمَسْحِ الرَّأْسِ فِي الْوُضُوءِ كَمَا أَمَرَ بِمَسْحِ الْوَجْهِ فِي التَّيَمُّمِ وَأَمَرَ بِغَسْلِهِ فِي الْوُضُوءِ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ غَسْلُ بَعْضِ الْوَجْهِ فِي الْوُضُوءِ وَلَا مَسْحُ بَعْضِهِ فِي التَّيَمُّمِ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الرَّأْسَ يُمْسَحُ كُلُّهُ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إِنَّ مَسْحَ بَعْضِهِ سُنَّةٌ وَبَعْضِهِ فَرِيضَةٌ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَسْحَهُ كُلَّهُ فَرِيضَةٌ وَاحْتَجَّ إِسْمَاعِيلُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا عَلَى وُجُوبِ الْعُمُومِ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) الْحَجِّ ٢٩ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الطَّوَافُ بِبَعْضِهِ فَكَذَلِكَ مَسْحُ الرَّأْسِ وَالْمَعْنَى في قوله (وامسحوا برؤوسكم) أَيْ امْسَحُوا رُؤُوسَكُمْ وَمَنْ مَسَحَ بَعْضَ رَأْسِهِ فَلَمْ يَمْسَحْ رَأْسَهُ

1 / 130