Issues of Recitation in Prayer, and the Response to One of the Commentators on Tirmidhi - Included in 'The Works of Al-Mu'allimi'
مسائل القراءة في الصلاة، والرد على أحد شراح الترمذي - ضمن «آثار المعلمي»
अन्वेषक
محمد عزير شمس
प्रकाशक
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
संस्करण संख्या
الأولى
प्रकाशन वर्ष
١٤٣٤ هـ
शैलियों
الرسالة الخامسة والعشرون
مسائل القراءة في الصلاة
والرد على أحد شرَّاح الترمذي
18 / 4
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلَاّ الله وحده لا شريك له ولا معين، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله إلى الناس أجمعين، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد؛ فإني وقفت على شرح لبعض أجلة علماء العصر من الحنفية لـ "جامع الترمذي"، اعتنى فيه بالمسائل الخلافية، وسرد الأدلة وتنقيحها رواية ودراية، ولم يتقيَّد بأقوال المتقدمين في طرق التأويل والاستدلال، وإن تقيَّد بمذهبه في الأحكام.
وقد طالعت منه من أوله إلى أواخر كتاب الصلاة، وكان يظهر لي عند المطالعة مواضع تحتمل التعقب والمناقشة؛ فقيَّدتُ بعض ذلك.
ثم رأيت أنَّ الكلام في مسائل القراءة في الصلاة يطول؛ فأفردته مرتبًا في هذه الورقات، وقد علمت أنَّ التآليف في هذه المسائل كثيرة، وأنَّ من لم يعرف مقدار حسن ظن الإنسان بنفسه وبتأليفه وشعره لابد أن يُسدِّد إليَّ وإلى أمثالي سهام الملام. ولكني أرجو أن لا أَعدَمَ مَنْ عسى أن يَعْذِرني؛ بل أكاد أجزم أنَّ من طالع رسالتي هذه اضطرَّه الإنصافُ إلى أن يشكرني.
وإلى الله تعالى أَضْرَع أن يُطهِّر قلبي من الهوى والعصبية، ويخلص عملي كلَّه لوجهه الكريم ونصرةِ شريعته المرضية، وهو حسبي ونعم الوكيل.
[...............................................................] (^١)
_________
(^١) سقط من هنا إحدى عشرة صفحة.
18 / 5
[ص ١٢] فإن كان الواقع هو الأول فقد ثبتت الفاتحة نصًّا، وإن كان الثاني فتثبت استدلالًا، لما عُرِف (^١) أنَّ هذا الحديث إنما اشتمل على الواجبات، وليس بين تكبيرة الإحرام وقراءة ما تيسَّر حمد وثناء وتمجيد يحتمل الوجوب إلَاّ الفاتحة، وهذا ظاهر.
ومما يؤيده: حديث مسلم (^٢) وغيره، عن أبي هريرة ﵁: سمعت رسول الله ﵌ يقول: قال الله تعالى: "قَسَمْتُ الصلاةَ بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل؛ فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله تعالى: حمِدَني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال الله تعالى: أثنى عليَّ عبدي، وإذا قال: مالك يوم الدين، قال: مجَّدني عبدي .. " الحديث.
نصَّ فيه على أنَّ الفاتحة: حمد وثناء وتمجيد.
وجاء في حديث رفاعة (^٣) تارة الأمر بالفاتحة، وتارة الأمر بالحمد والثناء والتمجيد، فتدبَّر.
وقد وجدت متابعًا لمحمد بن عمرو (^٤)، وهو: بُكَير بن عبد الله بن الأشجّ، رواه عن علي بن يحيى، أخرجه البخاري في "جزء القراءة" (^٥)،
_________
(^١) تحتمل: "كما عرف".
(^٢) رقم (٣٩٥). وأخرجه أيضًا مالك في "الموطأ" (١/ ٨٤، ٨٥) وأبو داود (٨٢١) والترمذي (٢٩٥٣) والنسائي (٢/ ١٣٥، ١٣٦).
(^٣) أخرجه أحمد في "المسند" (١٨٩٩٥) وأبو داود (٨٦١) والترمذي (٣٠٢) والنسائي (٢/ ١٩٣) وغيرهم.
(^٤) الكلام متعلق بحديث المسيء صلاته من رواية محمد بن عمرو، عن علي بن يحيى بن خلَّاد، عن رفاعة بن رافع. وقد أخرجه أحمد في "مسنده" (١٨٩٩٥).
(^٥) (ص ٢٣٤ - ٢٣٦) بتعليقه "تحفة الأنام" ط. الهند.
18 / 6
وسنده على شرط الصحيح، إلَاّ عبد الله بن سُويد، وهو صدوق كما قال أبو زرعة (^١)، وذكره ابن حبان في "الثقات" (^٢)، ولا مخالفَ لهما.
ولكن فيه: عن علي بن يحيى، عن أبي السائب ــ رجل من أصحاب النبي ﵌ ــ وفيه: "ابدأ فكبِّر، وتحمد الله، وتقرأ بأم القرآن، ثم تركع" الحديث.
وذكر الحافظ في "الإصابة" (^٣) أنَّ ابن منده ذكر أبا السائب هذا في الصحابة، وقال: عداده في أهل المدينة.
قال الحافظ: "وتعقبه أبو نعيم (^٤) بأنَّ المحفوظ رواية إسحاق بن عبد الله ... وغيرهم كلهم عن علي بن يحيى عن أبيه عن عمه رفاعة بن رافع. انتهى، ولا يمتنع أن يكون لعلي بن يحيى فيه شيخان".
أقول: فعلى هذا، هذه رواية صحابي ثالث مصرِّحة بالفاتحة بلا خلاف.
وأقوى الأجوبة بعد هذا: احتمال النسخ؛ فإنَّ الأحاديث الصريحة في إيجاب الفاتحة منها ما صرَّح فيه أبو هريرة بسماعه من النبي ﵌، وكان إسلام أبي هريرة سنة سبع. وقصة المسيء صلاته كانت قبل ذلك ببضع سنوات، أي قبل غزوة بدر؛ لأنَّ صاحب القصة مدني أنصاري بدري
_________
(^١) انظر "الجرح والتعديل" (٥/ ٦٦).
(^٢) (٨/ ٣٤٣).
(^٣) (١٢/ ٢٨٤). وانظر "معرفة الصحابة" لابن منده (٢/ ٩٠٥).
(^٤) في "معرفة الصحابة" له (٤/ ٤٩٢).
18 / 7
اتفاقًا (^١)، ومثل هذا لا يُعقل أن يبقى مع النبي ﵌؛ يجالسه، ويصلي معه، ويغزو معه سنة أو سنتين ولا يُحسِن الصلاة، فضلًا عن ست أو سبع سنوات!
وهذا واضح جدًّا، مستغنٍ عن قول ابن الكلبي: إن صاحب القصة استشهد ببدر (^٢).
وإذا صحَّ النسخ فكأنه قبل الأمر بالفاتحة كان الواجب الحمد والثناء والتمجيد مطلقًا، ثم قراءة ما تيسَّر من القرآن؛ على ظاهر رواية إسحاق بن أبي طلحة (^٣). ثم جمع الله تعالى لهم الأمرين في الفاتحة.
ولما علم رفاعة أو من بعده ذلك عبَّر تارةً بأصل الحديث، وتارةً بما آل إليه الأمر من فرض الفاتحة، وإنما زاد: "ثم اقرأ ما شئت" ظنًّا أنَّ الفاتحة إنما جاءت بدلًا عن الحمد والثناء والتمجيد.
وقد بيَّنت الأحاديث الأخرى الثابتة في الاقتصار على الفاتحة أنَّ الفاتحة جامعة للأمرين: الحمد والثناء والتمجيد، والقراءة.
ومما يبيِّن ما قدَّمناه: أنَّ أبا هريرة ــ راوي الحديث ــ مذهبه الذي كان يفتي به أنَّ الفاتحة بعينها واجبة، ولا يجب غيرها.
_________
(^١) هو خلَّاد بن رافع، كما في "الفتح" (٢/ ٢٧٧). وانظر "الإصابة" (٣/ ٣١١).
(^٢) انظر "نسب معد واليمن الكبير" (١/ ٤٢٤). قال الحافظ في "الإصابة" (٣/ ٣١٠): لم يذكره في شهداء البدريين غيره.
(^٣) التي أخرجها البخاري في "جزء القراءة" (ص ٢٤٥) وأبو داود (٨٥٨) والنسائي (٢/ ٢٢٥، ٢٢٦) وابن ماجه (٤٦٠) وغيرهم.
18 / 8
[ص ١٣] وفي "الصحيحين" (^١) وغيرهما عنه: "وإن لم تَزِدْ على أمِّ القرآن أجزأتْ، وإن زدتَ فهو خير".
وفي "سنن أبي داود" (^٢) وغيره عن أبي هريرة أن النبي ﵌ أمره فنادى: "أن لا صلاة إلَّا بفاتحة الكتاب فما زاد".
وهذا مما يقوي احتمال النسخ؛ إلَاّ أنَّ في سنده جعفر بن ميمون، مختلف فيه، وقال العقيلي (^٣) في حديثه هذا: "لا يتابع عليه".
وسيأتي ــ إن شاء الله تعالى ــ الكلام على قوله: "فما زاد"، وأنها لا تدلُّ على وجوب الزيادة.
فأما الجواب باحتمال أنَّ النبي ﵌ قد كان علم أنَّ الرجل لا يحفظ الفاتحة فليس بذاك، وإن ساعده لفظ "معك".
ولما كان النزاع إنما هو مع الحنفية، والحديث وارد عليهم، كما هو وارد علينا فلا حاجة إلى التطويل، وفيما قدمناه كفاية لطالب الحق إن شاء الله تعالى.
[ص ١٤] سؤالان وجوابهما:
الأول: وقع في بعض روايات حديث رفاعة (^٤) الصحيحة: فقال النبي
_________
(^١) البخاري (٧٧٢) ومسلم (٣٩٦).
(^٢) رقم (٨٢٠). وأخرجه أيضًا أحمد في "المسند" (٩٥٢٩) والدارقطني (١/ ٣٢١) والحاكم في "المستدرك" (١/ ٢٣٩) والبيهقي (٢/ ٣٧).
(^٣) في "الضعفاء الكبير" (١/ ١٩٠).
(^٤) أخرجه أبو داود (٨٥٧) والنسائي (٢/ ١٩٣) وأحمد (١٨٩٩٧) وغيرهم.
18 / 9
﵌: "إنه لا تتمُّ صلاةٌ لأحدٍ من الناس حتى يتوضأ" وذكر الحديث، وفي آخره ــ في رواية (^١) ــ: "فإذا فعل ذلك فقد تمَّتْ صلاته".
وفي رواية (^٢): "لا تتمُّ صلاةُ أحدِكم حتى يفعلَ ذلك".
وفي أخرى (^٣): "فإذا لم يفعلْ هكذا لم تَتِمَّ صلاتُه".
وفي أخرى (^٤): "فإذا صنعتَ ذلك فقد قضيتَ صلاتك، وما انتقصتَ من ذلك فإنما تَنقُصُه من صلاتك".
وفي رواية يحيى بن علي بن يحيى عن جده عن رفاعة بن رافع: "أنَّ رسول الله ﵌ بينما هو جالس في المسجد يومًا ــ قال رفاعة: ونحن معه ــ إذ جاء رجلٌ كالبدوي، فصلَّى فأخفَّ صلاته"، ثم ساق الحديث، إلى أن قال: "فخاف الناس، وكَبُر عليهم أن يكون من أخفَّ صلاته لم يُصلِّ"، ثم ذكر الحديث، وقال في آخره: "فإذا فعلتَ ذلك فقد تمَّتْ صلاتك، وإن انتقصْتَ منه شيئًا انتقصْتَ من صلاتك". قال: "وكان هذا أهونَ عليهم من الأول: أنه مَن انتقصَ من ذلك شيئًا انتقص من صلاته، ولم تذهبْ كلها".
رواه الترمذي (^٥)، وقال عقبه: حديث رفاعة حديث حسن.
وقد روي عن رفاعة هذا الحديث من غير وجهٍ (^٦).
_________
(^١) هي رواية أبي داود (٨٥٧).
(^٢) عند أبي داود (٨٥٨).
(^٣) عند النسائي (٢/ ٢٢٦).
(^٤) عند النسائي (٢/ ١٩٣).
(^٥) رقم (٣٠٢).
(^٦) انظر تعليق المحققين على "المسند" (١٨٩٩٥).
18 / 10
وقال في "الفتح" (^١): "وقع في حديث رفاعة بن رافع عند ابن أبي شيبة في هذه القصة: دخل رجلٌ، فصلَّى صلاةً خفيفةً، لم يتم ركوعها ولا سجودها".
فقد يقال: إنما قال النبي ﵌: "لا تتمُّ صلاة لأحدٍ"، ولم يقل: "لا تصحُّ"، وقال له: "وإن انتقصتَ منه شيئًا انتقصتَ من صلاتك" أو نحوه؛ فهذا يدلُّ على أنَّ فيما أمره به أشياء تصحُّ الصلاة بدونها. وقد فهم الصحابة ذلك؛ كما صرَّح به في رواية يحيى بن علي بن يحيى.
ويؤخذ من قوله: "فأخفَّ صلاته"، وقوله: "وكبُر عليهم أن يكون من أخفَّ صلاتَه لم يُصَلِّ" أنَّ تلك الأشياء هي ما كان من قبيل التخفيف؛ فيدخل فيها تخفيف القيام بتقصير القراءة، وتخفيف الركوع والسجود بعدم الاطمئنان. وفي رواية ابن أبي شيبة ما يظهر منه التخفيف في الركوع والسجود.
الجواب: أما رواية يحيى بن علي فلا تقوم بما زاده فيها حجة؛ لجهالته، ولا يُلتفت إلى أنَّ ابن حبَّان ذكره في "الثقات" (^٢)؛ لأنَّ من أصل ابن حبَّان إيراد المجاهيل فيها. والترمذي إنما حسَّن الحديث من حيث هو، وأشار إلى ذلك بقوله: "وقد رُوي من غير وجهٍ"، ولا يلزم من هذا توثيق يحيى بن علي. والزيادة إنما تقبل من الثقة الضابط.
وأما قوله: "إنه لا تتمُّ" وما يُشبِه ذلك، فإنه يقال لمن صلَّى من الظهر ثلاث ركعات، ثم قطع الصلاة عمدًا: إنه لم يُتِمَّ صلاته. ويقال لمن صلَّى
_________
(^١) (٢/ ٢٧٧). والحديث في "المصنف" (١/ ٢٨٧).
(^٢) (٧/ ٦١٢).
18 / 11
وترك بعض المستحبَّات: لم يُتِمَّ صلاته. ويظهر لي أنَّ المعنى الأول هو المتبادر.
وأما قوله: "وما انتقصتَ من ذلك فإنما تنقُصُه من صلاتك" فهي عند النسائي من رواية ابن عجلان عن علي بن يحيى، وابن عجلان يدلِّس؛ كما يأتي بيان ذلك في حديث الإنصات. فيُخشى أن يكون سمع الحديث بهذه الزيادة من يحيى بن علي، وقد مرَّ ما فيه.
وعلى فرض ثبوت هذه الزيادة فالانتقاص مقابل لعدم الإتمام، وقد مرَّ ما فيه.
وعلى فرض أنَّ قوله: "لا تتمُّ"، وقوله: "فإنما تنقصه من صلاتك" ــ على فرض ثبوتها ــ يُشِعر أو يدلُّ على أنه إذا ترك شيئًا مما أمره به لا تبطل صلاته، فيجب إلغاء هذا الإشعار؛ لأنه قد أمره ــ في جملة ما أمره به ــ بالفرائض القطعية إجماعًا، ومن انتقص شيئًا منها فصلاته باطلة قطعًا.
ودعوى حمل هذا على ما كان من قبيل التخفيف مردودة فإنه ساق تحت قوله: "لا تتمُّ صلاة أحدٍ منكم حتى ... " جميع الأعمال، واسم الإشارة في قوله "وما انتقصت من ذلك" يعود إلى جميع الأعمال.
وإذا قلنا: إنَّ الذي أساء فيه هذا الرجل هو عدم الاطمئنان في الركوع والسجود، بدليل رواية ابن أبي شيبة= وجب أن لا يدخل ذلك فيما يشعر به قوله: "لا يتم"، وقوله: "تنقصه من صلاتك"؛ لأنه قد قال له باتفاق الروايات كلها: "ارجعْ فصَلِّ فإنك لم تصلِّ". ونفيُ الشارع للصلاة صريح في نفي وجودها الشرعي، وهو إنما يكون بصحتها. والله أعلم.
18 / 12
[ص ١٥] السؤال الثاني:
إذا كانت الصلاة الأولى التي صلاها هذا الرجل باطلة فلمَ لمْ يبيِّن له النبي ﵌ في أثنائها؟ وكيف تركه يتعبد عبادة باطلةً؟
وهكذا يقال في الثانية والثالثة، بل أولى.
أَوَ لا يكون إقرار النبي ﵌ إياه على الاستمرار فيها دالًّا على صحتها؟
الجواب: هذا سؤال لا يخلو من صعوبة، وقد ذكر الحافظ في "الفتح" (^١) أجوبة:
منها: قول ابن دقيق العيد: "ليس التقرير بدليل على الجواز مطلقًا؛ بل لا بد من انتفاء الموانع، ولا شكَّ أنَّ في زيادة قبول المتعلِّم ما يُلقى إليه بعد تكرار فعله واستجماعِ نفسه وتوجُّهِ سؤاله مصلحةً مانعةً من وجوب المبادرة إلى التعليم؛ لاسيَّما مع عدم خوف الفوات؛ إما بناءً على ظاهر الحال، وإما بوحي خاص".
أقول: أما دلالته على الجواز فلا مفرَّ منها؛ ولكن لا يلزم من الدلالة على الجواز الدلالةُ على الصحة، وشاهده ما في "الصحيحين" (^٢) عن ابن المنكدر قال: رأيت جابر بن عبد الله يحلف بالله أنَّ ابن الصيَّاد الدجال، قلت: تحلف بالله؟! قال: إني سمعت عمر يحلف على ذلك عند النبي ﵌؛ فلم ينكره النبي ﵌.
_________
(^١) (٢/ ٢٨١). وكلام ابن دقيق العيد في "الإحكام" (٢/ ١١).
(^٢) البخاري (٧٣٥٥) ومسلم (٢٩٢٩).
18 / 13
وقد صحَّ عن النبي ﵌ أنه كان أولًا يشكُّ في ابن صيَّاد أهو الدجال أم لا (^١).
فأقول: إنَّ العبادة الباطلة إنما يكون التلبُّس بها معصيةً إذا علم المتلبِّس بها أنها باطلة، ولم يتحقَّق هذا في المسيء صلاته؛ فلذلك أقرَّه النبي ﵌ على التلبُّس بها، ثم بيَّن له بطلانها.
فالتقرير مجمل؛ لأنه يحتمل أن يكون لأنها صحيحة، ويحتمل أن يكون لما ذكرنا. وتأخير بيان مثل هذا جائز، والحجج عليه كثيرة، ولم يأت من نازع فيه بحجة.
وهكذا قوله ﵌: "صلِّ فإنك لم تصلِّ" مجمل؛ لأنه لم يبيِّن فيه وجه البطلان، ثم بيَّنه أخيرًا.
فإن قيل: فهلَاّ بيَّن له أوَّل مرَّة؟
قلت: في الأجوبة التي نقلها في "الفتح" (^٢): أجاب المازري بأنه أراد استدراجه بفعل ما يجهله مرَّات؛ لاحتمال أن يكون فعله ناسيًا أو غافلًا؛ فيتذكَّره فيفعله من غير تعليم، وليس ذلك من باب التقرير على الخطأ؛ بل من باب تحقُّق الخطأ.
وقال النووي (^٣) نحوه، قال: وإنما لم يعلِّمه أولًا ليكون أبلغ في تعريفه وتعريف غيره بصفة الصلاة المُجزِئة.
_________
(^١) هنا في الهامش عبارة بخط دقيق أصابها طمس.
(^٢) (٢/ ٢٨١).
(^٣) "شرح صحيح مسلم" (٤/ ١٠٩).
18 / 14
وقال ابن الجوزي (^١): يحتمل أن يكون ترديده لتفخيم الأمر وتعظيمه عليه، ورأى أنَّ الوقت لم يَفُتْه فرأى إيقاظ الفطنة للمتروك.
وقال ابن دقيق العيد: .... (^٢).
وقال التوربشتي: إنما سكت عن تعليمه أولًا لأنه لما رجع لم يستكشف الحال من مورد الوحي، وكأنه اغترَّ بما عنده من العلم، فسكت عن تعليمه؛ زجرًا له وتأديبًا وإرشادًا إلى استكشاف ما استبهم عليه، فلما طلب كشف الحال من مورده أرشد إليه.
أقول: أما المرة الأولى فلِمَا قال المازري.
وأما في الثانية والثالثة فلِمَا قاله النووي وابن الجوزي وابن دقيق العيد، ولما قاله التوربشتي معًا، والله أعلم.
وقد خلط الشارح الكلام على مسألة ركنية الفاتحة بالكلام على وجوب الزيادة عليها مع الكلام على ركنيتها على المأموم، وسألخِّص هنا ما يتعلَّق بهذه المسألة خاصة:
زعم أنَّ زيادة "فصاعدًا" في حديث عبادة ثابت، وأنه يقتضي ركنية الزيادة. ثم كرَّ على هذا الحديث بأنه متروك العمل باتفاق، وأن ترك العمل به دليل [على] نسخه، أو على خطأ وقع من بعض رواته، وكأنه يريد أنَّ ذلك دليل على نسخ ركنية الفاتحة.
والجواب: أنَّ زيادة "فصاعدًا" غير ثابت، ولو ثبت لم يدلَّ على وجوب
_________
(^١) "كشف مشكل الصحيحين" (١/ ٩٣٩).
(^٢) هكذا بيَّض المؤلف لكلام ابن دقيق العيد. وقد نقله فيما مضى.
18 / 15
الزيادة، ولو دلَّ على وجوب الزيادة فقد قال بذلك بعضُ أهل العلم كما يأتي، نعم ذاك متروك باتفاق الحنفية والشافعية، ولكنَّ المتروك هو الزيادة فقط. فترك الأخذ بها إنما يدلُّ على الخطأ فيها خاصة، وإن دلَّ على نسخٍ فلها خاصة، ودلالته على الخطأ أولى؛ لأنَّ ثَمَّ دلائل أخرى على الخطأ؛ كما يأتي إن شاء الله تعالى.
وقد ادعى الشارحُ أنَّ الزيادة نُسِخَت أولًا، وهذا اعتراف بأنَّ نسخ الزيادة لا يلزم منه نسخ المزيد عليه.
ثم لو فُرِضَ سقوط الاحتجاج على وجوب الفاتحة بحديث عبادة فالأحاديث على وجوبها كثيرة، على أنَّ زَعْم الاتفاق على عدم وجوب الزيادة غير مسلَّم؛ فقد حكاه الحافظ في "الفتح" (^١) عن بعض الصحابة وغيرهم، وهو رواية في مذهب أحمد؛ بل هو قول الحنفية، وإن لم يجعلوه فرضًا.
_________
(^١) (٢/ ٢٤٣).
18 / 16
[ص ١٦] واستدلَّ الشارحُ على نسخ ركنية الفاتحة بحديث المسيء صلاته، وقد مرَّ الكلام عليه، وبيَّنا أن تلك القصة كانت قبل بدر، وأحاديث إيجاب الفاتحة متأخرة عن هذا التاريخ، وأنَّ في بعض طرقه تعيين الفاتحة، فإن ثبَّتنا تلك الزيادة فذاك، وإن ادَّعينا النسخَ فأحاديث إيجاب الفاتحة هي الناسخة لتأخرها.
ثم قال الشارح: (وأيضًا يدلُّ عليه ما رواه مسلمٌ (^١) بسند صحيح عن أبي هريرة: "لا صلاة إلَاّ بقراءة").
أقول: هو مرفوع، وغاية ما فيه أنه مطلقٌ وأحاديث إيجاب الفاتحة تُقيِّده.
فإن زعم زاعمٌ أنه إنما يقول بالتقييد في مثل هذا إذا كان متصلًا، فإن لم يكن متصلًا فالمتأخر ناسخٌ، فإن جُهل التاريخ فالترجيح.
قلنا له: مذهب أبي هريرة تعيين الفاتحة، وذلك يدلُّ إنْ كان نسخٌ على أنَّ المطلق هو المنسوخ.
ويؤكِّد هذا أننا لو قلنا: إنَّ المطلق هو الناسخ لزم من يحتجُّ بالإطلاق في حديث المسيء صلاته أنَّ الحكم كان على الإطلاق، ثم نُسخ بتعيين الفاتحة، ثم نسخ تعيين الفاتحة بالإطلاق. ومثل هذا إن وُجِد في الشريعة فنادر، والحمل على الغالب أولى.
ثم قال: (وأيضًا روى مسلمٌ (^٢) عن أبي هريرة قال: "في كل صلاةٍ
_________
(^١) رقم (٣٩٦/ ٤٢).
(^٢) رقم (٣٩٦/ ٤٤).
18 / 17
قراءةٌ، ومن قرأ بأم القرآن أجزأتْ عنه" لعلَّه أراد: أجزأت عن قراءة القرآن، وفتوى الراوي خلاف روايته دليلٌ على نسخ روايته).
أقول: لفظ مسلم: "قال أبو هريرة: في كل صلاةٍ قراءة؛ فما أسْمَعَنا النبي ﵌ أسمَعْناكم، وما أخفَى منا أخفيناه منكم، ومن قرأ بأم الكتاب فقد أجزأتْ عنه، ومن زاد فهو أفضل".
وكأنَّ مراد الشارح أنَّ قوله: "في كل صلاة قراءة" يدلُّ على أنَّه يُجزئ ما يحصل به اسم القراءة؛ لأنَّ لفظ "قراءة" مطلقٌ، وأنَّ قوله: "ومن قرأ بأم الكتاب فقد أجزأتْ عنه" لا ينافي الإطلاق.
وإنما المعنى: أنه يحصل بها ما يسمَّى "قراءة" كما يحصل بغيرها، وهذا قريب؛ ولكن قوله: "ومن زاد فهو أفضل" يُبطِل هذا الاحتمال، وإنما وِزانُه وِزانُ قولك لخادمك: اشترِ لنا فاكهة العنب وحده يكفي، وإن زدتَ فهو أحسن. فمدلول هذا الكلام: أنَّ العنب لا بد منه على كل حال، ويحسنُ زيادة فاكهة أخرى معه.
وتحريره: أنَّ النكرة قد ترِدُ للإطلاق، وقد تردُ للإبهام. وقولك: "اشترِ لنا فاكهة" مبهم فسَّرته بآخر كلامك؛ فكذا لفظ "قراءة" في كلام أبي هريرة.
ومع ذلك فمذهب أبي هريرة في تعيين الفاتحة مشهور، فإذا ورد عنه فتوى [ص ١٧] بصورة الإطلاق وجب تقييدها بما عُرِفَ من مذهبه.
ثم ذكر الشارح قول ابن حجر: إنَّ أقوى أجوبة الشافعية عن حديث المسيء صلاته حملُه على العاجز عن تعلُّم الفاتحة؛ جمعًا بينه وبين حديث: "لا تُجزِئ صلاةٌ لا يَقرأ الرجل فيها بأمِّ القرآن" (^١).
_________
(^١) أخرجه ابن خزيمة (٤٩٠) وابن حبان (١٧٨٩، ١٧٩٤) وغيرهما من حديث أبي هريرة.
18 / 18
ثم اعترضه الشارح بأنه لا يتعيَّن ذلك، قال: (ويمكن أن يكون الأمر كما قلنا: إنَّ ركنية الفاتحة وضمِّ شيءٍ معها من القرآن كان في أول الأمر، وفيه حديث: "لا تجزيء صلاةٌ لا يَقرأ الرجل فيها بأم القرآن"، وغيره من الأحاديث التي تدلُّ بهذا المعنى. ثم لمَّا وقعت المنازعة مع النبي ﵌ والمخالجة في قراءته ﵌ أمر النبي ﵌ بترك السورة والاكتفاء على الفاتحة. ثم لما نزلت: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ ...﴾ إلخ [الأعراف: ٢٠٤] أمر النبي ﵌ بترك القراءة مطلقًا. وعلى هذا تتوافق جميع الأحاديث بدون تعارضٍ فيها، والتوافق هو المتعيِّن عند التعارض لو يمكن. ومن هذا الوقت نُسِخت فرضية الفاتحة لما نزل فيه: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ [المزمل: ٢٠])، فأمر النبي ﵌ بعده للمسيء: "واقرأ ما تيسَّر معك من القرآن").
[ص ١٨] أقول: أما حديث المسيء صلاته فقد مرَّ الكلام عليه بما يغني، والحمد لله.
وأما ما أبداه الشارح من التوفيق فأقلُّ ما فيه أنه (لَخْبطة).
فإنه زعم أنَّ ترتيب نزول الأحكام هكذا: أحاديث وجوب الفاتحة وشيءٍ معها، ثم أحاديث نهي المأموم عن الزيادة، ومنها حديث عمران (^١) وأبي هريرة في المخالجة والمنازعة، ثم نزول آية الإنصات، ثم نهي النبي ﵌ المأموم عن القراءة مطلقًا، ثم نزول آية القراءة، ثم قصة المسيء صلاته.
والترتيب الصحيح الثابت بالأدلة العلمية هكذا:
آية القراءة؛ فإنها من سورة المزَّمل، وسورة المزَّمل مكية اتفاقًا.
_________
(^١) كذا في الأصل، ولعل الصواب "عبادة".
18 / 19
وفي "الإتقان" (^١) عن جابر بن زيد: "أنَّ أول ما نزل (اقرأ)، ثم (ن والقلم)، ثم المزمل، ثم المُدثِّر، ثم الفاتحة"، ثم ذكر ثلاثًا وثلاثين سورة، ثم قال: "ثم الأعراف"، وذكر الباقي.
وفي "الصحيحين" (^٢) عن جابر قال: قال رسول الله ﵌: "إني جاورتُ بحراءَ؛ فلما قضيتُ جِواري نزلتُ، فاستبطنتُ الوادي، فنظرت أمامي وخلفي، وعن يميني وشمالي، ثم نظرت إلى السماء؛ فإذا هو ــ يعني: جبريل ــ فأخذتْني رجفةٌ، فأتيت خديجة، فأمرتُهم فدثَّروني؛ فأنزل الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ﴾ [المدثر: ١، ٢] ".
وهذا ظاهر أنَّ سورة المدثر نزلت في أوائل النبوَّة، وقد قال جابر بن زيد: "إنَّ سورة المزمِّل نزلت قبل سورة المدَّثر".
وفي "صحيح مسلم" و"مسند أحمد" (^٣) وغيرهما عن عائشة: ذكرتْ سورة المزمِّل، ثم قالت: "فإنَّ الله افترض قيام الليل في أول هذه السورة؛ فقام نبي الله وأصحابه حولًا، وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهرًا في السماء، حتى أنزل الله تعالى في آخر السورة التخفيف، وصار قيام الليل تطوُّعًا".
وقد زعم بعضهم أنَّ آية القراءة وما بعدها مدنيٌّ؛ ذكره الحافظ في "الفتح" (^٤) في أول كتاب الصلاة، وردَّه، فإن شئت فارجع إليه.
_________
(^١) (١/ ١٦٨).
(^٢) البخاري (٤٩٢٢، ٤٩٢٤) ومسلم (١٦١/ ٢٥٧).
(^٣) "صحيح مسلم" (٧٤٦) و"المسند" (٢٤٢٦٩). وانظر تعليق المحققين عليه.
(^٤) (١/ ٤٦٥).
18 / 20
ثم بعدها آية الإنصات؛ لأنها من سورة الأعراف، وهي متأخرة عن سورة المزمل بكثير، على ما تقدَّم عن جابر بن زيد. واحتمالُ أن يكون ترتيب نزول الآيتين على عكس ترتيب نزول السورتين فيه بُعدٌ. والذي لا نشكُّ فيه أنَّ آية الإنصات مكيَّة اتفاقًا، وسيأتي إيضاح ذلك في مسألة قراءة المأموم، إن شاء الله تعالى.
ثم آية القنوت، وحديث المسيء صلاته.
أما آية القنوت فلِما يأتي في الكلام على آية الإنصات. ولم يذكر الشارح آية القنوت، وإنما زدتها تتميمًا للفائدة.
وأما قصة المسيء صلاته فإنها وقعت قبل بدر؛ كما مرَّ تحقيقه، ولم يتبيَّن لي أيُّ هذين كان قبلُ: آية القنوت أم قصة المسيء صلاته؟ فالله أعلم.
ثم أحاديث إيجاب الفاتحة وبقية الأحاديث، ولم يقم عندي دليل على ترتيبها. ولعلَّ من أحاديث وجوب الفاتحة ما تقدَّم على قصة المسيء صلاته؛ بناءً على صحَّة [ص ١٩] زيادة الأمر بالفاتحة بعينها في حديث المسيء صلاته، ويمكن خلاف ذلك؛ على ما قدَّمناه في الكلام على حديث المسيء صلاته.
والذي لا نشكُّ فيه أنَّ حديث أبي هريرة في وجوب الفاتحة متأخر؛ لأنَّ إسلامه كان سنة سبعٍ أيامَ خيبر، وقد صرَّح بالسماع.
ولفظه عند البيهقي (^١) من طريق إسحاق بن راهويه والحميدي عن ابن
_________
(^١) في "السنن الكبرى" (٢/ ٣٨).
18 / 21
عيينة بسنده عن أبي هريرة قال: سمعتُ رسول الله ﵌ يقول: "كل صلاةٍ لا يُقرأ فيها بأمِّ الكتاب فهي خِداجٌ، ثم هي خِداجٌ، ثم هي خِداجٌ". فقال: يا أبا هريرة! فإني أكون أحيانًا وراء الإمام؟، قال: يا فارسي! اقرأ بها في نفسك؛ فإني سمعتُ رسول الله ﵌ يقول: قال الله ﷿: "قَسَمتُ الصلاةَ بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل؛ فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله: حمدني عبدي". وذكر الحديث، وهو في "صحيح مسلم" (^١).
وفي حديث أبي داود (^٢) وغيره من طريق جعفر بن ميمون عن أبي عثمان النهدي عن أبي هريرة قال: قال لي رسول الله ﵌: "اخرُجْ، فنادِ في المدينة أنه لا صلاةَ إلَاّ بقرآنٍ، ولو بفاتحة الكتاب فما زاد".
وفي روايةٍ لأبي داود (^٣): "أمرني رسول الله ﵌ أن أناديَ أنه لا صلاة إلَاّ بقراءة فاتحة الكتاب فما زاد".
وجعفر بن ميمون مختلفٌ فيه.
وفي "الصحيحين" (^٤) وغيرهما عن عبادة قال: قال رسول الله ﵌: "لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن".
وفي روايةٍ لابن حبان (^٥) وغيره: "لا تُجزِئ صلاةٌ لا يُقرأ فيها بفاتحة
_________
(^١) رقم (٣٩٥).
(^٢) رقم (٨١٩).
(^٣) رقم (٨٢٠).
(^٤) البخاري (٧٥٦) ومسلم (٣٩٤).
(^٥) رقم (١٧٨٩، ١٧٩٤). وأخرجه ابن خزيمة (٤٩٠) وغيره.
18 / 22
الكتاب".
وفي روايةٍ لأبي داود والترمذي وأحمد وابن حبان في "صحيحه" (^١)، عن عبادة قال: "كنا خلف رسول الله ﵌ في صلاة الفجر؛ فقرأ رسول الله ﵌ فثقلت عليه القراءة؛ فلما فرغ قال: "لعلكم تقرءون خلف إمامكم؟ ! " قلنا: نعم هَذًّا يا رسول الله، قال: "لا تفعلوا إلَاّ بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها".
وفي روايةٍ لأبي داود (^٢) وغيره: " ... هل تقرءون إذا جهرتُ بالقراءة؟ فقال بعضنا: إنا نصنع ذلك، قال: "فلا، وأنا أقول: مالي ينازعني القرآن، فلا تقرؤوا بشيءٍ من القرآن إذا جهرتُ إلَاّ بأم القرآن".
وفي "سنن أبي داود" (^٣) وغيره: عن أبي هريرة قال: "صلَّى بنا رسول الله ﵌ صلاةً نظنُّ أنها الصبح؛ فلما قضاها قال: "هل قرأ منكم أحد؟ " فقال رجلٌ: نعم أنا يا رسول الله، فقال رسول الله ﵌: "إني أقول مالي أُنازَع القرآن".
وذكر البيهقي (^٤) عن سفيان: فنظرت في شيءٍ عندي؛ فإذا هو: "صلى بنا رسول الله ﵌ صلاة الصبح"؛ بلا شكٍّ.
_________
(^١) أبو داود (٨٢٣) والترمذي (٣١١) وأحمد (٢٢٧٤٥، ٢٢٧٤٦، ٢٢٧٥٠) وابن حبان (١٧٨٥، ١٧٩٢، ١٨٤٨).
(^٢) رقم (٨٢٤) وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٢/ ١٦٤).
(^٣) رقم (٨٢٧).
(^٤) "السنن الكبرى" (٢/ ١٥٧).
18 / 23