इस्माइल सबरी के बारे में व्याख्यान
محاضرات عن إسماعيل صبري
शैलियों
أن هذا الحسن من طين وماء
كما لا يمكن فصله عن البيت الذي يليه وهو:
وأرى الدنيا جناحي ملك
خلف تمثال مصوغ من ضياء
فالأبيات الثلاثة تكون رؤية شعرية واحدة يزعم فيها الشاعر أن الفتاة «روحانية» ليس حسنها من «طين وماء»، وإنما هي «تمثال مصنوع من ضياء»، وبه «جناحا ملك». وهو يريد منها أن تنزع الثوب لكي تثبت صحة رؤيته الشعرية، فلن يظهر عندئذ جسم بشري، بل «تمثال مصنوع من ضياء» هو «تكوين سكان السماء»، وبذلك لا تكون «فلتة» من إسماعيل صبري، ولا يكون هناك «سوق للرقيق»، ولا «عرض لجسم عار بين الندامى»، وإنما هناك رؤية شعرية روحية.
وأما عن المدرسة الفرنسية التي حرص الأستاذ العقاد على أن يحددها بالمدرسة اللامارتينية، وجاء الأستاذ عمر الدسوقي فعممها على الأدب الفرنسي كله، واستند على البيت الخاص بنزع الثوب لكي يهاجم صبري ومن خلفه الأدب الفرنسي كله، بدعوى أن الأدب الفرنسي «لا يعنى إلا بمحاسن المحبوبة الظاهرة دون الكشف عن لواعج النفس، ومكنون القلب، وبث اللوعة وحرقة الفؤاد.» فكل هذا لا يمكن أن يقره دارس للأدب الفرنسي؛ وذلك لأن الأدب الفرنسي لا نعرف أنه يعنى بمحاسن المحبوبة دون الكشف عن «لواعج النفس وحرقة الفؤاد»، وإنما نلاحظ ذلك على فترة واحدة من فترات الأدب العربي لا الفرنسي، وهي فترة الأدب الجاهلي؛ حيث كان الشعراء يحرصون على وصف محاسن المحبوبة دون لواعج النفس؛ وذلك لأن الأدب الجاهلي كله يمتاز بالوصف الحسي لكافة ما كان يقع عليه بصر شعرائه.
وأما عن المدرسة اللامارتينية، فالبون شاسع بينها وبين إسماعيل صبري، وإلا فأين عند صبري تلك «الرفاهة الباكية التي كان يمثلها لامارتين وإخوانه الأرقاء الناعمون.» فيما يقول الأستاذ العقاد.
وإنه لمن الغريب أن يشيع في بعض الأوساط المصرية والعربية ذلك الفهم الخاطئ لطبيعة المزاج الفرنسي والشعب الفرنسي؛ حيث يتوهم البعض أنه شعب الميوعة وأدب الميوعة. وهذا خطأ ضار؛ فالمزاج الفرنسي انفعالي حار لا رخو مائع، ولقد يدفعهم الانفعال الشديد إلى الحمق أو سوء التصرف، ولكنهم أبعد ما يكونون عن التخنث والنعومة. وعاطفة الحب عند لامارتين عاطفة حارة رفيعة تمتزج بحب الطبيعة، بل وبحب الله في وقدة إحساس صوفي حار، يستطيع من لا يعرف الفرنسية من أدباء العرب الإحساس بحقيقتها بمطالعة قصة رافائيل، أو بعض القصائد التي ترجمت؛ مثل قصيدة البحيرة التي ترجمها الأستاذ أحمد حسن الزيات مترجم «رافائيل»، حتى لقد سمى لامارتين نفسه ديوانه «بالتأملات».
وقصيدة «لواء الحسن» قد حملها - في الواقع - النقاد والباحثون أكثر مما تحتمل، أو غير ما تحتمل عندما استندوا إليها ليتخذوا منها مرآة لمزاج إسماعيل صبري ونفسيته، واستنبطوا منها أنه ليس بشاعر ولا عاشق موله، وإنما هو نديم فاتر لا يغار على محبوبته، ولا يود أن يستأثر بها دون غيره.
هذا، ولعل شارح الديوان الأستاذ أحمد الزين هو الذي يتحمل جانبا كبيرا من مسئولية تفسير قصيدة لواء الحسن على النحو الذي أوضحناه ولا نريد أن نقبله؛ وذلك لأنه قد قدم لهذه القصيدة، التي يؤرخها بسنة 1901، بقوله: «وقد قالها لتترجم إلى اللغة الفرنسوية ضمن مجموعة مختارة من الشعر العربي القديم يراد ترجمته إليها، وهو في هذه القصيدة يخالف غيره من الشعراء في حبهم الاستئثار بالحسن، ويرغب إلى الحسناء أن تسوي بين محبيها في التمتع بالنظر إلى حسنها الباهر.»
अज्ञात पृष्ठ