इस्लाम और अरबी सभ्यता

कुर्द अली d. 1372 AH
180

इस्लाम और अरबी सभ्यता

الإسلام والحضارة العربية

शैलियों

تخريب الأتراك ما بنته الدول قبلهم

ومن أهم ما قضى على مدنية العرب في عهد الترك إهمال المدارس وامتداد أطماع الطامعين في استصفائها، ونزع وقوفها وأحباسها، وفي الخطط التوفيقية أن النظار في مدارس القاهرة تصرفوا خلال ثلاثة قرون من العهد التركي على غير شروط وقفها، وامتنع الصرف على المدرسة والطلبة والخدمة، وانقطع التدريس بالكلية لكثرة الاضطرابات، وبيعت كتب المدارس وانتهبت، حتى آلت الحال ببعض المدارس الفخمة والمباني الجليلة أن أصبحت زوايا صغيرة، وزال بعضها جملة أو صار زريبة أو حوشا أو غير ذلك.

ومثل هذا وقع في عاصمة الشام فقد دخل الأتراك دمشق وفيها أكثر من 150 مدرسة للقرآن والحديث والفقه على المذاهب الأربعة ومدارس الطب ومدرسة الهندسة، عدا الربط والخوانق والمستشفيات، وخرجوا منها بعد زهاء أربعة قرون وليس فيها سوى بضع مدارس عامرة بعض الشيء ولا تدريس فيها، هذا عدا ما كان من المدارس الجليلة في مدن الأقاليم كالقدس وحماة وحمص وحلب وطرابلس وغيرها، وكلها أصيبت بما أصيبت به مدارس دمشق،

25

وجميع هذه المدارس كان فيها خزائن كتب، وعامة المرافق وأسباب الراحة والتشويق والاستفادة تامة، ومثل ذلك قل في مدارس العراق، ولا سيما الموصل والبصرة وبغداد، وناهيك بالمدرسة النظامية (459ه) والمدرسة المستنصرية (631ه) في بغداد، ولم يقتصر نظام الملك على إنشاء المدرسة البغدادية أو الجامعة البغدادية، بل بنى دور العلم للفقهاء وأنشأ المدارس للعلماء، وأسس الرباطات للعباد والزهاد، ثم رتب لهم الجرايات والكساوي والنفقات، وأجرى الخير والرزق لمن كان من أهل الطلب للعلم مضافا إلى أرزاقهم وعم

26

بذلك سائر أقطار مملكته، فلم يكن من أوائل الشام وهي بيت المقدس إلى سائر الشام الأعلى وديار بكر والعراقين وخراسان بأقطارها إلى سمرقند من وراء نهر جيحون مسيرة زهاء مائة يوم، حامل علم أو طالبة أو متعبد أو زاهد في زاويته إلا وكرامته شاملة له وسابغة عليه. وكان الذي يخرج من بيوت أمواله في هذه الأبواب ستمائة ألف دينار في كل سنة، وكانت غلة المدرسة المستنصرية نحو سبعين ألف دينار، وقيل: إن قيمة ما وقف عليها يساوي ألف ألف دينار جعلت على المذاهب الأربعة، وأقيم فيها مستشفى وأطباء يدرسون الطب كما يدرس فيها علم الحيوان والنبات والفلك والرياضيات على اختلاف ضروبها، والآداب بأنواعها والتاريخ وعلوم القرآن والحديث،

27

وهكذا الحال في عامة مدارس بلاد العرب.

ولقد تفنن ملوك المسلمين وأهل الخير من رعاياهم في أعمال البر والإحسان، وأقاموا من المصانع ما يشبه من أكثر وجوهه أعمال الغربيين اليوم، فقد كان كوكبوري صاحب إربل من أهل القرن السابع من بعض أولئك المحسنين، ومما بنى أربع خانقات

अज्ञात पृष्ठ