269

Islam Q&A

موقع الإسلام سؤال وجواب

शैलियों

متى يكون ذبح الموت؟ وما حال أصحاب الكبائر في البرزخ
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما يؤتى بالموت على شكل كبش ويذبح أمام أهل الجنة والنار، ويقال لكل منهم خلود فلا موت هل هذا يكون بعد خروج أصحاب الكبائر من أمة محمد من النار أم قبله؟ وأيضا نفس التساؤل: عندما يُسْألُ أصحاب الكبائر في القبور هل يجاوبون على أسئلة منكر ونكير أم يقولون لا أعلم؟ . وهل يرون مقعدهم من الجنة أو النار؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولًا:
الذي ينبغي أن يقال هو أن الذبح للموت لا يكون إلا بعد استقرار أهل الجنة في الجنة، واستقرار أهل النار في جهنم، ويقتضي هذا أنه لا يكون الذبح قبل خروج الموحدين من نار جهنم؛ لأن الخطاب يكون لأهل الجنة وأهل النار، ولا ينسب الموحدون للنار وهم سيخروجون منها.
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (يُؤْتَى بِالْمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ فَيُنَادِي مُنَادٍ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ فَيَقُولُ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا الْمَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ، ثُمَّ يُنَادِي يَا أَهْلَ النَّارِ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ فَيَقُولُ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا الْمَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ، فَيُذْبَحُ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ، ثُمَّ قَرَأَ (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ)، وَهَؤُلَاءِ فِي غَفْلَةٍ أَهْلُ الدُّنْيَا (وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) .
رواه البخاري (٤٤٥٣) ومسلم (٢٨٤٩) .
وفي رواية ابن عمر في البخاري (٦١٨٢) ومسلم (٢٨٥٠): (إِذَا صَارَ أَهْلُ الْجَنَّةِ إِلَى الْجَنَّةِ وَأَهْلُ النَّارِ إِلَى النَّارِ جِيءَ بِالْمَوْتِ حَتَّى يُجْعَلَ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ثُمَّ يُذْبَحُ ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ لَا مَوْتَ وَيَا أَهْلَ النَّارِ لَا مَوْتَ، فَيَزْدَادُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَرَحًا إِلَى فَرَحِهِمْ وَيَزْدَادُ أَهْلُ النَّارِ حُزْنًا إِلَى حُزْنِهِمْ) .
وينظر كلام ابن القيم ﵀ في الرد على من اعترض على هذا الحديث بعقله، وذلك في جواب السؤال رقم: (١٠٠٨٧) .
ثانيًا:
وبخصوص فتنة القبر لأصحاب الكبائر: فثمة مسائل ثلاثة:
الأولى: إجابة الملكين منكر ونكير على أسئلتهما في العقيدة: عن ربه ﷿، وعن دينه، وعن نبيه ﷺ.
والثانية: تعذيبه على ذنوبه.
والثالثة: هل يرى الفاسق في قبره مقعده في الجنة؟ .
أما الأولى: فإن الظاهر أن الناس فيها قسمان: مسلم، ومنافق، أو كافر، فالمسلم يجيب عن أسئلة الملَكين، ولو كان فاسقًا، والكافر – أو المنافق – لا يجيب، ويعذَّب على ذلك.
قال ابن حجر الهيتمي – ﵀:
ومقتضى أحاديث سؤال الملكين: أن المؤمن ولو فاسقًا يجيبهما، كالعدل، ولكن بشارته تحتمل أن تكون بحسب حاله.
" الفتاوى الحديثية " (ص ٧) .
وفي جواب السؤال رقم: (٢١٧١٣) تجد حديث البراء بن عازب ﵁ في تفصيل هذين القسمين في القبر.
وأما الثانية: فإنه لا يلزم من إجابة المسلم الفاسق على أسئلة الملَكين أنه لا يعذَّب على اقترافه الذنوب والمعاصي، إن لم يتب منها، بل مِن عذاب هؤلاء ما يستمر إلى قيام الساعة، ومنه ما ينقطع.
قال الشيخ محمد السفاريني – ﵀:
فمن أغضب الله، وأسخطه، في هذه الدار، بارتكاب مناهيه، ولم يتب، ومات على ذلك: كان له عذاب البرزخ بقدر غضب الله، وسخطه عليه، فمستقل، ومستكثر، ومصدق، ومكذب.
" لوامع الأنوار البهية " (٢ / ١٨) .
وقال:
ومن الذين يعذبون في قبورهم، وأخبر عنهم النبي ﷺ: الجبارون، والمتكبرون، والمراءون، والهمازون، واللمازون، والطعانون على السلف، والذين يأتون الكهنة والمنجمين والعرافين فيسألونهم ويصدقونهم، وأعوان الظلمة الذين باعوا آخرتهم بدنيا غيرهم، ونحو هؤلاء، ممن يشتغل بذنوب الناس عن ذنبه، وبعيوبهم عن عيبه، فكل هؤلاء وأمثالهم يعذبون في قبورهم بهذه الجرائم بحسب كثرتها، وقلتها، وصغرها، وكبرها، ولما كان أكثر الناس كذلك: كان أصحاب القبور معذبين، والفائز منهم قليل، فظواهر القبور تراب، وبواطنها حسرات وعذاب، فنسأل الله تعالى العافية، والرحمة، والعفو، والغفران، وبالله الإعانة، والعون.
" لوامع الأنوار البهية " (٢ / ١٩) .
وفي جوابي السؤالين (٤٥٣٢٥) و(٤٦٠٦٨) تجد ذِكر الأسباب المفصلة لعذاب القبر.
وأما المسألة الثالثة: ففيها احتمالان:
١. الأول: أن المسلم يرى مقعده في الجنة باعتباره ليس كافرًا، وأن مصيره إليها، لكن هذا لا يعني أنه لن يعذَّب في قبر إن شاء الله تعذيبه.
فنحن نجزم بصحة ما أخبرنا به نبينا ﷺ من وجود من يُعذَّب في قبره من المسلمين إلى يوم القيامة، كمثل آكل الربا الذي رآه ﷺ يسبح في نهر من الدم، وكمثل الزناة والزواني الذين رآهم ﷺ في تنور يصرخون، وغير هؤلاء، ونجزم أن مصير هؤلاء إن كانوا مسلمين هو الجنة في نهاية الأمر.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: (إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ عُرِضَ عَلَى مَقْعَدِهِ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ، إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَيُقَالُ: هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ ﷿ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) .
رواه البخاري (١٣٧٩) ومسلم (٢٨٦٦) .
قال ابن حجر – ﵀:
قال القرطبي: وهذا في حق المؤمن والكافر واضح، فأما المؤمن المخلِّط: فمحتمل في حقه أيضًا؛ لأنه يدخل الجنة في الجملة.
" فتح الباري " (٣ / ٢٤٣) .
وقال الشيخ أبو الحسن عبيد الله بن العلامة محمد عبد السلام المباركفوري:
ويكون عرض المقعدين على كل واحد من المؤمن المخلص والكافر والمؤمن المخلط؛ لأنه يدخل الجنة في الجملة، فيرى مقعده في الجنة، فيقال له: هذا مقعدك وستصير إليه بعد مجازاتك بالعقوبة على ما تستحق.
" مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح " (١ / ٢٢٢) .
٢. والثاني: أنه يمكن أن يقال: إن عرض مقعد الجنة على المؤمن المخلِّط، أو المسلم الفاسق هو لإخباره بأن هذا مقعدك في قبرك لولا أنك أذنبت، واستحققت العذاب، ويُعرض عليه مقعده من النار ويقال له: هذا بسبب ذنوبك.
قال الحافظ ابن حجر – ﵀:
فعلى هذا: يحتمل في المذنب الذي قُدِّر عليه أن يعذب قبل أن يدخل الجنة أن يقال له – مثلًا - بعد عرض مقعده من الجنة: هذا مقعدك من أول وهلة لو لم تذنب، وهذا مقعدك من أول وهلة لعصيانك، نسأل الله العفو والعافية من كل بلية، في الحياة، وبعد الموت، إنه ذو الفضل العظيم.
" فتح الباري " (١١ / ٣٦٦) .
فالله أعلم بما يكون من ذلك، ونسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهل اليمين، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب

1 / 268