इस्लाम फि क़र्न चिश्रिन
الإسلام في القرن العشرين: حاضره ومستقبله
शैलियों
الفصل الثامن
المصلحون والمعلمون
السيد أحمد خان
تقدم أن النهضة الإسلامية في القرن التاسع عشر قد اتسعت لكل تجربة من تجارب الإصلاح: إصلاح بالعودة إلى القديم، وإصلاح بالتجديد، وإصلاح بإحياء الحماسة الدينية، وإصلاح بمجاراة الحضارة العصرية، ودعوات يقوم بها الثائرون وأخرى يقوم بها المتطهرون المعتكفون، وغير هذه وتلك دعوات يقوم بها المعلمون والمهذبون، وسنرى أن هذه الدعوات - دعوات المعلمين المهذبين - كانت ألزم دعوات الإصلاح، وأبقاها أثرا، وأوفقها لكل زمان ومكان، وأبعدها من أن تضيع عبثا كيفما كانت أحوال الأمم التي تنجم فيها، وتنمو بين ظهرانيها.
وقد ظهرت في أهم البيئات التي ينبغي أن تظهر فيها، وفي الزمن الذي ينبغي أن تظهر فيه.
ظهرت في الهند وفي مصر وفيما بينهما من بلاد الشرق الأوسط، وكان قادتها على هذا الترتيب الزماني: السيد أحمد خان الهندي، والسيد جمال الدين الأفغاني، والشيخ محمد عبده المصري، وهو المصلح المخضرم بين عصر الجمود وعصر اليقظة والتقدم.
ولد السيد أحمد خان سنة 1817 بمدينة دلهي بالهند، ولا تزال للدولة المغولية بقية فيها، وكانت أسرته لأبيه وأمه من كبار المتصلين بها، وخاله فريد الدين أحد وزرائها، وقد أنعم عليه بهادر شاه - آخر ملوكها - بلقب «أستاذ الحرب» بعد وفاة والده، ولما يبلغ العشرين.
وكان التقليد المرعي بين مسلمي الهند مقاطعة الوظائف في ظل الحكم الإنجليزي، ولكن نشأة أحمد خان بين رجال الدولة رشحته لولاية الوظائف، فلم يرفض الوظيفة التي عرضت عليه في سلك القضاء.
وانفجرت ثورة الهند «1857» وهو قاض في بجنور، فحال جهده بين الثوار وقتل المسالمين والنساء، ولم يمنعه ذلك أن يؤلف كتابه في أسباب الثورة فيلقي تبعتها على الإدارة الإنجليزية، ويدحض ما قيل من تدبير هذه الثورة في بلاد الأفغان بإيعاز من الحكومة الروسية؛ «لأن أسبابها الوطنية كافية لنشوبها مغنية عن كل تدبير يتسلل إليها من خارج البلاد الهندية»، روي عن السيد أحمد خان، وهو طفل صغير، أنه دعي مع أنداده وأهليهم إلى بلاط بهادر شاه فنودي عليه مع التلاميذ الذين استدعاهم الملك لتشجيعهم ومكافأتهم فلم يجب، وتكرر النداء ولا جواب، ثم وجده رجال الحاشية منزويا في مكان قريب، فسألوه: لم لم تجب حين نودي باسمك بين زملائك، فلم يحجم أن يذكر السبب الصحيح، وهو أنه انتظر وطال انتظاره فاستسلم للنوم!
وضحك رجال الحاشية، وظنوا أنه سبب لا يقال في حضرة ملك، فلم يشأ الصبي الصغير أن يتلطف في الاعتذار، ويتعلل بسبب غير هذا السبب الصحيح.
अज्ञात पृष्ठ