इस्लाम फि क़र्न चिश्रिन
الإسلام في القرن العشرين: حاضره ومستقبله
शैलियों
والدعوتان تتشابهان في حماسة الدعوات البادية، وفي نبذ البدع والخرافات، والرجوع بالإسلام إلى الكتاب والسنة، ولكنهما تختلفان بعد ذلك في أمور كثيرة.
فليست السنوسية مذهبا ولا نحلة، ولا نقضا لمذهب من المذاهب، وإنما هي «أخوة» في الله أو طريقة يتبعها من شاء من المسلمين، ولا يطلب منه عند اتباعها غير قراءة الفاتحة على العهد، واتباعها على درجات أولها درجة الخواص ثم الإخوان ثم المنتسبون، ولا فرق بين هذه الدرجات في غير العلم والإخلاص وحسن السيرة والولاء للآخرين، ولا يشترط في درجاتها العليا أن تنحصر في البيت السنوسي؛ بل يكون منهم الأقرباء وغير الأقرباء.
والسنوسي مجتهد، ولكنه يتبع مذهب الإمام مالك إلا في القليل الذي صح عنده أنه أقرب إلى السنة، ولا يتصدى بالنقض لأحد من الأئمة؛ بل كان أبغض الأشياء إليه - كما قال الشيخ محمد بن عثمان الحشايشي في رحلته - أن يسمع مقالة السوء في إمام أو غير إمام، وقد تعرض للقتل من جراء اجتهاده، وألمع الأستاذ الإمام محمد عبده إلى ذلك في كتابه عن الإسلام والنصرانية؛ إذ يقول: «ألم يسمع السامعون أن الشيخ السنوسي كتب كتابا في أصول الفقه زاد فيه بعض مسائل على أصول المالكية، وجاء في كتاب له ما يدل على دعواه أنه ممن يفهم الأحكام من الكتاب والسنة مباشرة، وقد يرى ما يخالف رأي مجتهد أو مجتهدين فعلم بذلك أحد المشايخ المالكية، وكان المقدم من علماء الجامع الأزهر الشريف، فحمل حربة وطلب الشيخ السنوسي ليطعنه بها؛ لأنه خرق حرمة الدين، وتبع سبيلا غير سبيل المؤمنين، وربما كان يجترئ الأستاذ على طعن الشيخ السنوسي بالحربة لو لاقاه، وإنما الذي خلص السنوسي من الطعنة، ونجى الشيخ المرحوم من سوء المغبة، وارتكاب الجريمة باسم الشريعة: هو مفارقة السنوسي للقاهرة.»
وقد اجتهد الشيخ في مذهبه بعد أن حضر دروس الفقه والتفسير والحديث في بلده وفي مراكش، ولقي العلماء بمصر ومكة واليمن، وصاحب بعض أئمة الطرق في المغرب والمشرق، ثم ضاقت به سبل الدعوة تحت نظر الحكومة العثمانية التي كانت تتوجس من أمثال هذه الدعوات، فعكف على زاويته البيضاء، واختار لمقامه واحة جغبوب وبنى بها مسجدا ومدرسة للعلوم الدينية، واستصوب أن ينشر طريقته بنشر الزوايا في أرجاء العالم الإسلامي؛ فانتشرت حيثما استطاع بين برقة وطرابلس ومصر والسودان وبلاد العرب، واطلعنا في كتاب «سنوسي برقة» الذي ألفه برتشارد على أسماء مائة وست وأربعين مدينة وقرية فيها زوايا للطريقة، ويوشك أن يكون شيوخ هذه الزوايا مرجعا لأتباعهم في أمور الدين والدنيا يرشدونهم إلى الفرائض والواجبات، ويفضون خصوماتهم، ويكفونهم عن الشر كما قال ابن مقرب:
فكم من حريم قد أباحوا وأجحفوا
بمال غني لا يخافون عاديا
فأرشدهم للرشد من حل بينهم
فلا زال مهديا ولا زال هاديا
وكم بدوي في الفلا خلف ناقة «يجول» على الأعقاب أشعث حافيا
تلقاه في مهد الضلالة هاويا
अज्ञात पृष्ठ