इस्लाम फि क़र्न चिश्रिन
الإسلام في القرن العشرين: حاضره ومستقبله
शैलियों
وقبل أن يمضي قرن واحد على هذه الزيارات عرضت لبلاط الصين تلك المشكلة التي حيرت سفراء الغرب وقهارمة البلاط في مملكة ابن السماء بعد أكثر من عشرة قرون، حين اشترط ابن السماء على السفراء أن يتقدموا إليه راكعين، وعز على هؤلاء السفراء أن يحيوه بتحية أكبر من تحياتهم لملوكهم فإن العاهل «سوان تسنج» غره ما سمعه عن اضطراب أحوال الدولة الإسلامية، فجرد على تخومها جيشا كبيرا يريد أن يدحر به جيش قتيبة بن مسلم الرابض على تلك التخوم. فانهزم، وأمر قتيبة الرسل الذين أنفذهم إلى بلاط ابن السماء أن يعرضوا عليه الإسلام أو الجزية أو مواصلة القتال. فدخل هؤلاء الرسل على ابن السماء لأول مرة مترفعين عن السجود منذرين متوعدين، ثم مات الخليفة الوليد، وقتل قتيبة، وأجزل العاهل عطاء الجيش الإسلامي، وأذن لهم بالبقاء في بلاده، فسموا باسم القبيلة الصينية التي كانت إلى جوارهم ودانت بالإسلام مقتدية بهم، وهي قبيلة هوى شوي، ولا يزال المسلمون جميعا يعرفون باسم «هوى هوى» في جميع بلاد الصين.
ويؤخذ من سجلات أسرة تانج أن الدولة كانت تمنح الأسر الإسلامية المقيمة في «سيانغو» خمسمائة ألف أوقية من الفضة كل سنة، وهو عطاء فرضته الدولة على نفسها مكافأة لهم على نجدتهم للعاهل «سوتسنج» الذي ثار به الجند بعد إكراه أبيه على النزول عن العرش، فاستنجد بالخليفة العباسي أبي جعفر فأمده ببضعة آلاف جندي هزموا الثوار، وأقروه على عرشه، فاستبقاهم في أرضه (سنة 757) ومن هؤلاء ومن سبقهم من جنود قتيبة تناسل المسلمون في غرب الصين.
إلا أن المسلمين قد دخلوا الصين من غير طريق الغرب، ولم ينقطع تجارهم وسياحهم والملاحون منهم عن زيارة موانئ الجنوب في كانتون وما جاورها، وأوغل بعضهم إلى داخل البلاد من الجنوب والغرب والشمال مع القبائل الرحل، فلم يخل منهم إقليم في الأقطار الصينية على الإجمال، ويسمى المسلمون في الشمال الغربي عند قانصوه وشنسي بالتنجان، أي: المنتقلين إلى الدين الجديد، ويسمون في سنكيانج بالترك؛ لأنهم من السلالات التركية في التركستان، ويسمون في يونان بالبنشاي، وهم من سلالة الترك والعرب وأهل الصين الأقدمين، وليس هؤلاء جميعا من سلالة المسلمين الأولين، بل منهم أناس من أبناء الصين آثروا الإسلام إعجابا بأهله، ومنهم من كان آباؤهم يبيعونهم في أعوام المجاعة فينشئون بين المسلمين على عقيدتهم، ولم يحل تحريم المسلمين أكل الخنزير وتعاطي الخمر والمخدرات دون اجتذاب جيرانهم إلى دينهم بالقدوة الحسنة والمعاملة المرضية والأمانة في التجارة والزراعة، فأسلم كثيرون بغير إكراه على قلة اكتراث الصينيين بالتحول من دين إلى دين؛ لأنهم لا يبالون ما يعتقدون إذا تركت لهم عبادة الأسلاف ورعاية التقاليد في الشعائر وآداب السلوك.
وقد شقي المسلمون في الصين بحكم أسرة المانشو في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وعلمت هذه الأسرة الواغلة تاريخ المسلمين في نصرة الأسرة المخذولة، فأشفقت من ثورتهم، وتعللت لهم بالعلل التي تصطبغ بصبغة الدين لتنفير البوذيين منهم، فحرمت عليهم ذبح البقر (سنة 1731) مع أنها تبيح ذبح الخنازير، وظنت أنها ترضي بذلك طوائف البوذيين، وترضي سائر أهل الصين الذين يبيعون الخنزير، ويسرهم أن يضطر المسلمون إلى أكله بعد تحريم لحوم البقر عليهم، فثار المسلمون، وتتابعت ثوراتهم، وهزموا جنود الحكومة في معارك كثيرة؛ ومنها معركة في التركستان الصينية قتل فيها ألفان وانتحر الوالي خوفا من القصاص (سنة 1863)، وفي هذه الآونة استقل البطل التنجاني يعقوب بك بحكم التركستان، وأوشك أن ينفصل بها وبالإقليم المجاور لها لولا أنه مات فجأة (سنة 1877) واختلف أتباعه وقادة جنده، فتلاحقت بعده المذابح والثورات، إلى أن سقطت دولة المانشو، وكان لثورات المسلمين في الغرب والشمال أثر في إسقاطها، وتحريض الناقمين منها على مهاجمتها.
وقد أحس المستعمرون الشرقيون والغربيون وطأة الصينيين المسلمين في حروب تلك الدول مع الصين، وكانت اليابان أول من تعرض لبأسهم في حربها مع الصين (سنة 1875) فخطبت ودهم وتقربت منهم جهرة وخفية، ثم أوفدت سفراءها من أمراء البيت المالك إلى دار الخلافة؛ لتستميل إليها المسلمين الصينيين في خصوماتها مع أسرة المانشو ومع الروس في وقت واحد، وكانت أسرة المانشو قد حرمت على المسلمين الاتصال بالعالم الخارجي؛ فتعذر عليهم أداء فريضة الحج، ولكنهم كانوا يتحايلون على الخروج لأداء هذه الفريضة بمختلف الحيل، فلما أحست بمساعي الدول بينهم، وتسلل الدعاة إليهم من اليابان والروس والترك وحكومة الهند - ضربت حولهم السدود، وحظرت العودة على من يغادر منهم البلاد للحج أو لطلب العلم، فنشأت بينهم عادة غريبة وهي عادة الحج بالنيابة، وتوافد عليهم فقراء المسلمين من الأمم القريبة؛ لينوبوا عنهم في الحج بأسمائهم، خوفا من النفي الدائم إذا غادروا البلاد بغير إذن الحكومة، ولم تخل القيود من أثرها المحمود. فإنها ضاعفت عنايتهم بدراسة الدين وحفظ القرآن؛ فكثر بينهم من يعرفون لغته، ويقرءون بها قراءة المجتهد في أرض معزولة عن الثقافة العربية، وتعزى إلى هذه الفترة نهضة التجديد بين مسلمي الصين الغربية، وهي كسائر النهضات مقبولة عند فريق، مستنكرة أو مشتبه فيها بين فريق المحافظين على كل قديم.
ولا يزال مسلمو الصين في غمرة من جرائر الظلم الذي حاق بهم على عهد الأسرة المنشوية، ولم يرتفع عنهم كثيرا بعد قيام الجمهورية، ولكنهم على أية حال كانوا في مطلع القرن العشرين قوة لا تهمل في حساب أحد يعنيه أمر الصين كلها، ولهذا جعلتهم الجمهورية عنصرا من العناصر الخمسة التي يقوم عليها بناء النظام الجديد.
الفصل السادس
أمم أخرى
تلك في العالم الإسلامي أكبر الجماعات التي بقيت إلى ختام القرن التاسع عشر في حكم غيرها، وهي جماعات كبيرة حتى بالقياس إلى أكبر الجماعات من حولها؛ إذ ليست الصين مثلا على عقيدة واحدة بملايينها الأربعمائة، ففيها الطاويون والبوذيون وأتباع كنفشيوس، وطوائف شتى لا تقيم شعائرها في بيعة واحدة، وقد تواترت الأدلة على الرغبة في الإقلال من عدد المسلمين بين هؤلاء في جميع الإحصاءات الحكومية وغير الحكومية، ولم تتبدل هذه الرغبة بعد إعلان الجمهورية، فقال دكتور ليمان هوفر معتمدا على مراجع الحكومة العامة: إن عددهم يتراوح بين سبعة ملايين وعشرة، وكشف الأستاذ أحمد علي الباكستاني عن خطأ هذا الإحصاء معتمدا على عدة مراجع، منها دليل الصين الرسمي في سنة 1943، فإن تعداد سنكيانج وحدها في ذلك الدليل 4360020 وتعداد قانصوه 6255467 وتعداد شنسي 9799617 وكلها بلاد إسلامية أكثر من فيها مسلمون، وهذا عدا مسلمي يونان وشنغهاي ونتغسية وهم هناك قلة كبيرة، وعدا المسلمين بوادي اليانجستي، وقد ذكر ولز وليامس إحصاءهم في كتابه الذي ظهر قبل خمسين سنة (1883) فقدرهم بناء على ذلك الإحصاء بعشرة ملايين، ولا حاجة إلى شواهد أخرى أو إلى استقصاء سائر الأقاليم لإثبات تلك الرغبة في الإقلال من عدد المسلمين الصينيين، فقد يرى بعضهم أن الجماعة الإسلامية التي كان ولاة الأمر الصينيون يودون الإكبار من شأنها لم تذكر كل الحقيقة حين كتبت - بإذن ولاة الأمور - أنها تمثل خمسين مليونا من الصينيين.
ووفرة العدد هنا لها شأنها الخطير في قارة كالقارة الآسيوية يتقدم اعتبار العدد فيها اليوم على كل اعتبار.
अज्ञात पृष्ठ