इस्लाम फि क़र्न चिश्रिन
الإسلام في القرن العشرين: حاضره ومستقبله
शैलियों
ولم تمض على هذه المعاهدة بضع سنوات حتى التحمت فارس وتركيا في الحرب التي انتهت بصلح أرضروم، ثم حاربت روسيا على أثر احتلال هذه لبعض الأقاليم المتنازع عليها، فانهزمت وتخلت عن أروان وتبريز (1827) وخذلتها إنجلترا في هذه الحرب، فاستدارت بسياستها إلى مجاراة روسيا. وأخرجت البعثة العسكرية الإنجليزية التي قدمت إليها لتدريب جيشها على النظم الحديثة، وهاجمت «هرات» ثم تفاهمت مع حكام الهند على فك الحصار عنها، وفي سنة 1856 شهرت إنجلترا الحرب على فارس - إذ عادت إلى مهاجمة هرات واستولت عليها - فاحتل الإنجليز بوشير والمحمرة، وتراجع الجيش الإيراني عن أرض الأفغان، ثم تم الاتفاق على الحدود الأفغانية الإيرانية.
وفي سنة 1864 أنشئ أول خط تلغرافي بين بغداد وطهران وبوشير على اعتباره «توصيلة» للخطوط الهندية، وافتتح خط أوديسة وتفليس وطهران بعد ذلك ببضع سنوات.
واستمر السباق بين إنجلترا وروسيا على كسب الامتيازات والرخص من الحكومة الإيرانية، فلما حصل البارون دي روتر على امتياز باستغلال بعض الموارد الإيرانية وارتهان المكوس الجمركية، أسرع الروس إلى إحباط هذا الامتياز، وحصلوا على الإذن بإنشاء فرقة القواذق وإلحاقها بجيش إيران. ثم احتلوا مدينة «مرو» واستولوا على بلاد التركمان (سنة 1884)، وتجددت مساعي الماليين الإنجليز فمنحوا امتيازا بافتتاح نهر قارون للملاحة، ومنح البارون دي روتر هذه المرة امتيازا بإنشاء المصرف الإمبراطوري مع الترخيص له باستغلال المناجم في إيران ما عدا مناجم الذهب والفضة (سنة 1889).
وبعد هذا الامتياز بسنة واحدة حصلت إحدى الشركات على امتياز الدخان المشهور الذي تصدى جمال الدين الأفغاني لإحباطه، ثم تمادى الشاه (ناصر الدين) في الاقتراض وبذل الرخص ورهن الموارد، ومنها قرض إنجليزي في مقابلة رهن المكوس الجمركية بالخليج الفارسي، فتمكن جمال الدين من إثارة القوم عليه، وإغرائهم بعصيانه واغتياله على البعد والقرب، فقتل في سنة 1896، وقيل: إن قاتله صاح به وهو يضربه: (خذها من جمال الدين).
وجلس ابنه مظفر الدين على العرش؛ فأصبحت إيران في عهده نهبا مقسما بين النفوذين ومساعي المستغلين من الجانبين، فتقدم بنك الخصم الفارسي - وهو فرع من وزارة المالية الروسية - بإقراض الحكومة نيفا وعشرين مليون روبية في مقابلة مكوس الجمارك بجميع أنحاء البلاد ما عدا خليج فارس، واشترط على الحكومة أن تصفي القرض الإنجليزي، ولا تتقبل قروضا أخرى مدى عشر سنوات (في سنة 1900).
واحتاج الشاه إلى قرض آخر بعد سنتين فأمدته به الحكومة الروسية في مقابلة الترخيص لها بمد السكة الحديد من جلفة إلى تبريز فطهران، وأوشك الاتفاق أن يتم على مد الخط إلى شواطئ الخليج لولا المقاومة الشديدة من جانب الإنجليز، تعززها مساعي الماليين على يد «دارسي» من زيلاندة الجديدة لإغناء خزانة إيران على معونة الروس، فانعقد الاتفاق بين دارسي
D’ arcy
وحكومة إيران على الترخيص له باستخراج النفط من منابعه التي كشفت بعد ذلك بمسجد سليمان، وحصة الحكومة من الأرباح ست عشرة في المائة عدا رسوم الامتياز وحصة بقيمتها من أسهم الشركة.
ولما كثرت المطالب والرهون على مكوس الجمارك وضعت الإدارة كلها في عهدة نوس البلجيكي، وكادت الدولة أن تشهر إفلاسها، وتفاقم سخط الشعب؛ فثار على الشاه وعلى وزيره عين الدولة المسئول عن سياسة القروض والرخص والرهون، ولاذ الثوار بمبنى السفارة البريطانية (يوليو سنة 1906) فأسرع الشاه إلى عزل عين الدولة والمناداة بالدستور، وكظمه الغيظ فمات بعد افتتاح مجلس النواب بأسابيع (ديسمبر سنة 1906).
أما الدولتان المتنافستان على أسلاب فارس؛ فإنهما قابلتا إعلان الدستور بالاتفاق الودي المشهور باتفاق سنة 1907، فاعترفت روسيا بمصالح إنجلترا في الخليج الفارسي، واعتبرت الجزء الجنوبي الشرقي في المملكة «دائرة نفوذ بريطانية» وسلمت إنجلترا باعتبار الجزء الشمالي منها دائرة نفوذ روسية، وتركت بين الدائرتين بقعة مفتوحة لكلتا الدولتين، وختمتا الاتفاق بتوكيد الحرص على استقلال البلاد وسيادتها!
अज्ञात पृष्ठ