इशारत इजाज
إشارات الإعجاز
अन्वेषक
إحسان قاسم الصالحي
प्रकाशक
شركة سوزلر للنشر
संस्करण संख्या
الثالثة
प्रकाशन वर्ष
٢٠٠٢
प्रकाशक स्थान
القاهرة
शैलियों
به اللزوم هكذا: فلما اضاءت استضاؤا بها فاشتغلوا.. فلم يحافظوا.. فلم يهتموا بها، ولم يعرفوا قدر النعمة فيها.. فلم يمدوها.. فلم يديموها؛ فانطفأت. لأنه لما كانت الغفلة عن الوسيلة للاشتغال بالنتيجة - بسر (اِنَّ الاِْنْسَانَ لَيَطْغَى - اَن رَآهُ اِسْتَغْنَى) (١) - سببًا لعدم الإدامة المستلزم للانطفاء كان كأن نفسَ الاضاءة سبب لذهاب النور.
أما جملة (وتركهم في ظلمات) فبعدما أشار الى خسرانهم بذهاب النعم بزوال النور عقبه بخذلانهم بنزول النقم بالسقوط في الظلمات.
أما جملة (لا يبصرون) فاعلم! ان الانسان اذا اظلم عليه وأضل السبيل فقد يسكن ويتسلى برؤية رفقائه ومرافقه، واذا لم يبصرهما كان السكون مصيبة عليه كالحركة بل أوحش.
أما (صمٌ بكمٌ عميٌ فهم لا يرجعون) فاعلم! ان الانسان اذا وقع في مثل هذا البلاء قد يتسلى ويأمل ويرجو النجاة من جهات أربع مترتبة:
فأولًا: يرجو أن يسمع تناجي الخلق من القرى أو أبناء السبيل؛ إن يستمِدْ يَمدّوه. ولما كانت الليلة ساكنة بكماءَ استوى هو والأصم، فقال: "صُم" لقطع هذا الرجاء.
وثانيًا: يأمل انه إن نادى أو استغاث يُحتمل أن يسمع أحدٌ فيغيثه، ولما كانت الليلة صماء كان ذو اللسان والأبكم سواء فقال: "بُكم" لإلقامهم الحجر بقطع هذا الرجاء أيضًا.
وثالثًا: يأمل الخلاص برؤية علامة أو نار او نيّرٍ تشير له الى هدف المقصد. ولما كانت الليلة طامية رمداء عبوسة عمياء كان ذو البصر والأعمى واحدًا فقال: "عُميٌ" لإِطفاء هذا الأمل أيضًا.
ورابعًا: لايبقى له الاّ ان يجهد في الرجوع، ولما أحاط به الظلمة كان كمن دخل في وحْلٍ باختياره وامتنع عليه الخروج. نعم، كم من أمرٍ تذهب اليه باختيار ثم يُسلَب عنك الاختيار في الرجوع عنه تخلّيه انت ولا يخليك هو، فقال تعالى: فهم
(١) سورة العلق: ٦، ٧
1 / 128