ومعنى كونه حجة أن المجتهد التابعي إلى هلم جرا يجب عليه اتباعه، ولا تجوز مخالفته، وأما المجتهد الصحابي فليس حجة عليه قول غيره من الصحابة.
(والاستحسان) يعني أن الاستحسان من أدلة مالك التي يحتج بها في الشرعيات. واختلف في تفسيره، فقيل: (هو اقتفاء ما له رجحان) أي هو اتباع الدليل الراجح على معارضه من الأدلة الشرعية، وهو على هذا التفسير لا مخالف في وجوب العمل به للإجماع على وجوب العمل بالراجح من الدليلين المتعارضين.
وقيل بل هو دليل ينقذف ... - ... في نفس من بالاجتهاد يتصف
(وقيل) أي وقال بعض المالكية (بل هو دليل ينقذف) أي يقذفه الله (في نفس من بالاجتهاد يتصف) أي في ذهن العالم المتصف بالاجتهاد المطلق حتى ينقدح فيه وينشرح له.
ولكن التعبير عنه(1) يقصر ... - ... عنه فلا يعلم كيف يخبر
(ولكن التعبير منه) أي من المجتهد (يقصر عنه) أي يقصر عن الدليل الذي قذف الله في قلبه (فلا يعلم كيف يخبر) أي فلا يعلم كيف الإخبار أي التعبير عن الدليل المقذوف في ذهنه والشرح له في قلبه، وهو على هذا التفسير مردود على الصحيح كما قال في "الغيث الهامع" قال ابن الحاجب: لأنه إن لم يتحقق كونه دليلا فمردود اتفاقا، وإن تحقق ذلك فمعتبر اتفاقا، ورده البيضاوي بأنه لابد من ظهوره ليتميز صحيحه من فاسده، لأن ما ينقدح في نفس المجتهد قد يكون وهما لا عبرة به؛ وقال ابن الحاجب: تصوره عندي كالممتنع، لأن من أوصاف المجتهد البلاغة، والبليغ هو الذي يبلغ بعبارته كنه مراده، فكيف ينقدح في ذهنه دليل ويعجز عن التعبير عنه.
وممن أنكره الشافعي وقال: من استحسن فقد شرع؛ وعمل به مالك، رواه عنه البصريون من أصحابه، وأنكره العراقيون منهم؛ وقال به أيضا أبو حنيفة وبعض الحنابلة.
पृष्ठ 19