[نقد تأويل تلك الأخبار]
وتأويل ما روي من ذلك بأنه للتشديد في الاجتهاد فقط تلعب بأقاويل أكابر الصحابة بلا دليل؛ إلا أنه خلاف مذهب المتأول, إذ لو صح ذلك التأويل لكان من اعتنق مذهبا مبتدعا على الصواب؛ لأنه يمكنه شبه ذلك التأويل في كل دليل, فيقول الباطني: لا جنة ولا نار, وإنما الوعد لمجرد الترغيب, والوعيد لمجرد الترهيب, وذلك خلاف ما علم من الدين ضرورة. وأيضا قد وقع الخلاف بين الصحابة في الإمامة, والسكوت من الجميع بعد النزاع فيها, كما وقع الخلاف والسكوت بعد النزاع في مسائل الفروع, والإمامة من الأصول, فلو كان ذلك تصويبا منهم لجرى في الأصول كما جرى في الفروع, والفرق تحكم. وأيضا لا خلاف أن السكوت لم يقع من الصحابة إلا بعد النزاع في مسائل الخلاف والأياس من رجوع المخالف إلى صاحبه. ومن قواعد كثير من أئمتنا عليهم السلام ومن وافقهم من علماء الإسلام: أنه لا يجب النكير إلا عند ظن التأثير, وبعد النزاع والأياس من رجوع المخالف ينتفي ظن التأثير ضرورة, فكيف يعتد بسكوتهم مع ذلك في تخصيص الأدلة القطعية.
पृष्ठ 12