قصة صاحب الخورنق
وكان صاحب الخورنق(1) من الملوك المتسع ملكهم، فأطل ذات يوم من الخورنق فمد بصره إلى ناحية المغرب حتى انقطع في البساتين والأنهار وأنواع الثمار فقال: لمن هذا الذي أرى ؟ فقالوا: لك أبيت اللعن، فالتفت إلى ناحية المشرق ومد بصره حتى انقطع في الخيل والإبل والبقر والغنم وسائر أنواع الحيوان فقال: لمن هذا ؟ فقالوا: لك أبيت اللعن، فقال: هل تعلمون أحدا أوتي مثل ما أوتيت ؟ فقال له رجل من الرائضة، وهم أهل بقية الحجة لله تعالى على كل أمة: أيها الملك أبيت اللعن، هل هذا الملك الذي أنت فيه وصل إليك من غيرك أم أنت فيه لابث لم تزل ؟ قال: بل وصل إيى من آبائي، ماتوا فورثت بعدهم ملكهم، قال: فهل تأمن على نفسك أن يصيبك ما أصابهم ؟ قال: بل هو واقع لا محالة. قال: فما أراك في شئ. قال: فما المخرج ؟ قال: أحد أمرين إما أن تعمل في هذا الملك بطاعة الله تعالى، فتنصف المظلوم، وتحسن إلى الرعية، وإما أن تعتزل الدنيا، وتنقطع إلى الله تعالى ليورثك ملكا لا يبلى ولا يزول. فقال له: أنظرني هذه الليلة لأنظر في أمري، فإن عزمت على الوقوف في أمري كنت وزيرا لا تعصى، وإن انقطعت إلى ربي كنت صاحبا لا تقلى. فأمسى ليلته يفكر، فلما كان آخر الليل أخذ ثياب صوف، وفزع إلى الله تعالى فلما فتح الباب وجد صاحبه ينتظره، فقال له: ما أجمعت عليه ؟ قال: على ما ترى. قال: وفقت، ثم ساحا في الأرض فضرب بهما الأمثال، فقال عدي بن زيد الشاعر(2):
पृष्ठ 96