وإن عيسي بن مريم عليهما السلامففي أمره عجب كان يقول: إدامي الجوع وشعاري الخوف، ودابتي رجلاي، ولباسي الصوف، وسراجي القمر، ودفاي في الشتاء مشارق الأرض، وفاكهتي وريحانتي ما أنبتت الأرض للوحوش والأنعام، وليس لي شئ، وليس أحد على الأرض أغنى مني)(1) الحديث.
فهؤلاء أيها الطالب ما قصروا آمالهم في الدنيا إلا لطولها في الآخرة، وأعجب العجب أن أفضل الأنبياء محمدا صلى الله عليه وآله وسلم غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وملك جزيرة العرب من عمان إلى جده، ومن عدن إلى جزر الشام دومة الجندل، وجبي إليه خراجها، وكان خميص البطن منخرق القميص، يمسي ساهر العين يبكى ويتململ، ويصلي حتى تورمت قدماه، ومات فما خلف دينارا ولا درهما، ولا ذهبا ولا فضة، وخلف درعه مرهونة عند يهودي في ثلاثين صاعا من شعير، وكان يعرض نفسه للناس في جنايات إن كانت منه.
पृष्ठ 93