106

इरशाद

الإرشاد إلى نجاة العباد للعنسي

शैलियों

सूफ़ी

القسم الثاني وهو تهذيب النفس بحسن الخلق مع المخلوق

اعلم يا أخي أيدك الله بمواد التوفيق، وهداك إلى واضح الطريق أن هذا البحر بحر عميق لا يلجه في الغالب إلا غريق، ولا يسلم منه إلا صديق، بلى من اعتزل سفنه سلم محنه، ومن لم يمره لم يضره، أعني بهذا معاشرة البرية، فإنك لا تدرك لرضاهم غاية، ولا تبلغ في محبوبهم إلى نهاية، حتى إن طاعة الرب الجليل أسهل من طاعة العبد الذليل، فإن رضاء الناس غاية لا تنال ؛ لأن الطبائع مختلفة، والدواعي والصوارف غير مؤتلفة، وإدراك كل المرضيات ليس في الطاعات ؛ ولأجل هذا الإختلاف في الطبائع اختلفت الشرائع، وما يصلح أن يعاشر به في زمان لا يصلح في كل زمان، ولا لكل إنسان، ولا في كل مكان، بل يختلف ذلك بحسب اختلاف الزمان والمكان، والطبائع في الأعيان.

فالطالب لمعاشرة العباد على وجه السداد يفتقر إلى رؤية جائلة، وخبرة طائلة، وغريزة كاملة، وإذعان من النفوس لقبول ما تلقيه الخبرة، وتقضي به التجربة، ومساعدة الذهن على احتمال هذه الأحوال وإن عسرت، واستعداد من الأعضاء الجسمانية للخدمة بحسب ذلك وإن شقت، وهذه خلعة لو كملت لبستها في إنسان لخرت له الأذقان، ولخدمه الثقلان، ولانطوى على محبته كل جنان ؛ لكن ليست تكمل في العباد، ولا يذعن لها الذهن باستعداد.

पृष्ठ 110