इक्तिसाद फ़ि अल-इतिकाद
الاقتصاد في الاعتقاد
प्रकाशक
دار الكتب العلمية
संस्करण संख्या
الأولى
प्रकाशन वर्ष
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٤ م
प्रकाशक स्थान
بيروت - لبنان
शैलियों
दर्शनशास्त्र और धर्म
أحكام الشرائع. فإن ورود النبي ليس بناسخ لشرع من قبله بمجرد بعثته، ولا في معظم الأحكام، ولكن في بعض الأحكام كتغير قبلة وتحليل محرم وغير ذلك، وهذه المصالح تختلف بالأعصار والأحوال فليس فيه ما يدل على التغير ولا على الاستبانة بعد الجهل ولا على التناقض. ثم هذا إنما يستمر لليهود إذ لو اعتقدوا أنه لم يكن شريعة من لدن آدم إلى زمن موسى لم ينكروا وجود نوح وإبراهيم وشرعهما، ولا يتميزون فيه عمن ينكر نبوة موسى وشرعه وكل ذلك إنكار ما علم على القطع بالتواتر.
وأما الشبهة الثانية فسخيفة من وجهين. أحدهما، أنه لو صح ما قالوه عن موسى لما ظهرت المعجزات على يد عيسى، فإن ذلك تصديق بالضرورة، فكيف يصدق الله بالمعجزة من يكذب موسى وهو أيضًا مصدق له، أفتنكرون معجزة عيسى وجودًا أو تنكرون إحياء الموتى دليلًا على صدق المتحدي؟ فإن أنكروا شيئًا منهم لزمهم في شرع موسى لزومًا لا يجدون عنه محيصًا، وإذا اعترفوا به لزمهم تكذيب من نقل إليهم من موسى ﵇ قوله إني خاتم الأنبياء. والثاني: أن هذه الشبهة إنما لقنوها بعد بعثة نبينا محمد ﵇ وبعد وفاته، ولو كانت صحيحة لاحتج اليهود بها وقد حملوا بالسيف على الاسلام، وكان رسولنا ﵇ مصدقًا بموسى ﵇ وحاكمًا على اليهود بالتوراة في حكم الرجم وغيره، فلا عرض عليه من التوارة ذلك، وما الذي صرفهم عنه ومعلوم قطعًا أن اليهود لم يحتجوا به لأن ذلك لو كان لكان مفحمًا لا جواب عنه ولتواتر نقله، ومعلوم أنهم لم يتركوه مع القدرة عليه ولقد كانوا يحرصون على الطعن في شرعه بكل ممكن حمايةً لدمائهم وأموالهم ونسائهم، فإذا ثبت عليهم نبوة عيسى أثبتنا نبوة نبينا ﵇ بما نثبتها على النصارى.
الفرقة الثالثة، وهم يجوزون النسخ ولكنهم ينكرون نبوة نبينا من حيث أنهم ينكرون معجزته في القرآن. وفي إثبات نبوته بالمعجزة طريقتان:
الطريقة الأولى، التمسك بالقرآن، فإنا نقول: لا معنى للمعجزة إلا ما يقترن بتحدي النبي عند استشهاده على صدقه على وجه يعجز الخلق عن معارضته، وتحديه على العرب مع شغفهم بالفصاحة وإغراقهم فيها متواتر، وعدم المعارضة معلوم، إذ لو كان لظهر، فإن أرذل الشعراء لما تحدوا بشعرهم وعورضوا ظهرت المعارضات والمناقضات الجارية بينهم، فإذًا لا يمكن إنكار تحديه بالقرآن ولا يمكن إنكار اقتدار العرب على طريق الفصاحة ولا يمكن انكار حرصهم على دفع نبوته بكل ممكن حماية لدينهم ودمهم ومالهم وتخلصًا من سطوة المسلمين وقهرهم، ولا يمكن إنكار عجزهم
1 / 112