وقال بعض الحكماء: الحكمة صديقة العقل، وميزان العدل، وعين البيان، وروضة الأرواح، ومزيحة الهموم عن النفوس بإذن الله، وأنس المستوحش، وأمن الخائف، ومتجر الرابح، وحظ الدنيا والآخرة بإذن الله لمن وفقه الله، وسلامة العاجل والآجل لمن وفقه الله.
وقال آخر: الحكمة نور الأبصار، وروضة الأفكار، ومطية الحلم، وكفيل النجاح، وضمين الخير والرشد، والداعية إلى الصواب، والسفير بين العقل والقلوب.
لا تندرس آثارها ولا تعفو ربوعها كل ذلك لمن وفقه الله تعالى.
وروي عن الشعبي أنه قال: لو أن رجلا سافر من أقصى الشام إلى أقصى اليمن ليسمع كلمة واحدة ينتفع بها فيما يستقبل من عمره ما رأيت أن سفره قد ضاع.
وقال بعض العلماء: من تفرد بالعلم لم توحشه الخلوة، ومن تسلى بالكتب لم تفته سلوة، وإن هذه القلوب تمل كما تمل الأبدان فابتغوا لها طرائف الحكمة.
والحكمة موقظة للقلوب من سنة الغفلة، ومنقذة للبصائر من سنة الحيرة ومحيية لها بإذن الله من موت الجهالة ومستخرجة لها من ضيق الضلالة لمن وفقه الله تعالى، والله أعلم، وصلى الله على محمد.
حكم وفوائد ومواعظ
قيل لبعض العلماء: لم تركت مجالسة الناس؟ قال: ما بقي إلا كبير يتحفظ عليك أو صغير لا يوقرك.
من سوء الأدب في المجالسة: أن تقطع على جليسك حديثه أو تبدره إلى تمام ما ابتدأ به تريه أنك احفظ له منه.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المجالس بالأمانة، وإنما يتجالس الرجلان بأمانة الله -عز وجل- فإذا تفرقا فليستر كل منهما حديث صاحبه».
روي عن عيسى عليه السلام أنه قال: جالسوا من تذكركم بالله رؤيته، ويزيد في علمكم منطقه، ويرغبكم في الآخرة عمله.
पृष्ठ 6