इक़ाज़ उली हिमाम
إيقاظ أولي الهمم العالية إلى اغتنام الأيام الخالية
शैलियों
ولما كانت حاجتهم إلى الماء أكثر من حاجتهم إلى القوت كان وجود الماء أكثر لذلك.
فلما كانت حاجتهم إلى معرفة الخالق أعظم كانت آياته ودلائل ربوبيته وقدرته وعلمه ومشيئته وحكمته أعظم من غيرها.
ولما كانت حاجتهم إلى معرفة صدق الرسل بعد ذلك أعظم من حاجتهم إلى غير ذلك.
أقام الله من دلائل صدقهم وشواهد نبوتهم وحسن حال من اتبعهم وسعادته ونجاته وبيان ما يحصل له من العلم النافع والعمل الصالح.
وقبح حال من خالفهم وشقاوتهم وجهله وظلمه ما يظهر لمن تدبر ذلك {ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور}.
قال وهيب بن الورد: بلغنا أن الخبيث إبليس تبدى ليحيى ابن زكريا -عليهما السلام- فقال له: إني أريد أن أنصحك! قال: كذبت، أنت لا تنصحني؛ ولكن أخبرني عن بني آدم.
قال: هم عندنا على ثلاثة أصناف، أما صنف منهم: فهم أشد الأصناف علينا نقبل حتى نفتنه ونستمكن منه، ثم يفزع إلى الاستغفار والتوبة، فيفسد علينا كل شيء أدركنا منه، ثم نعود له فيعود فلا نحن نيأس منه، ولا نحن ندرك منه حاجتنا فنحن من ذلك في عنا.
وأما الصنف الآخر: فهم بين أيدينا بمنزلة الكرة في أيدي صبيانكم نتلقفهم كيف شئنا فقد كفونا أنفسهم.
وأما الصنف الآخر: فهم مثلك معصومون لا نقدر منهم على شيء.
فقال له يحيى: على ذاك هل قدرت مني على شيء؟
قال: لا إلا مرة واحدة فإنك قدمت طعاما تأكله، فلم أزل أشهيه لك حتى أكلت أكثر مما تريد فنمت تلك الليلة ولم تقم إلى الصلاة كما كنت تقوم إليها.
قال: فقال له يحيى: لا جرم لا شبعت من طعام أبدا حتى أموت.
पृष्ठ 104