أَمر تبين لَك رشده فَاتبعهُ وَأمر تبين لَك زيغه فاجتنبه وَأمر اخْتلف فِيهِ فكله إِلَى عالمه وَأخرج بِسَنَدِهِ عَن كثير بن عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَالَ رَسُول الله ﷺ تركت فِيكُم أَمريْن لن تضلوا مَا تمسكتم بهما كتاب الله وَسنة نبيه ﷺ
وَقَالَ أَبُو عمر أَيْضا وَفِي كتاب عمر بن عبد العزيز إِلَى عُرْوَة كتبت إِلَيّ تَسْأَلنِي عَن الْقَضَاء بَين النَّاس وَأَن رَأس الْقَضَاء اتِّبَاع مَا فِي كتاب الله ثمَّ الْقَضَاء بِسنة رَسُول الله ﷺ ثمَّ بِحكم أَئِمَّة الْهَدْي ثمَّ استشارة ذَوي الْعلم والرأي وَذكر ابْن أبي عمر عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ كَانَ ابْن شبْرمَة يَقُول ... مَا فِي الْقَضَاء شَفَاعَة لمخاصم ... عِنْد اللبيب وَلَا الْفَقِيه الْعَالم
هون عَليّ إِذا قضيت بِسنة ... أَو بِالْكتاب برغم أنف الراغم
وقضيت فِيمَا لم ٢ أجد أثرا بِهِ ... ببصائر مَعْرُوفَة ومعالم ...
وَعَن ابْن وهب قَالَ قَالَ مَالك الحكم حكمان حكم جَاءَ بِهِ كتاب الله وَحكم أحكمته السّنة قَالَ ومجتهد رَأْيه فَلَعَلَّهُ يوفق قَالَ ومتكلف فطعن عَلَيْهِ وَأخرج بِسَنَدِهِ إِلَى ابْن وهب قَالَ قَالَ لي مَالك الحكم الَّذِي يحكم بِهِ بَين النَّاس حكمان مَا فِي كتاب الله أَو أحكمته السّنة فَذَلِك الحكم الْوَاجِب وَذَلِكَ الصَّوَاب وَالْحكم الَّذِي يجْتَهد فِيهِ الْعَالم رَأْيه فَلَعَلَّهُ يوفق وثالث متكلف فَمَا أحراه أَلا يوفق قَالَ وَقَالَ مَالك الْحِكْمَة وَالْعلم نور يهدي بِهِ الله من يَشَاء وَلَيْسَ بِكَثْرَة الْمسَائِل وَقَالَ فِي مَوضِع آخر من ذَلِك الْكتاب سَمِعت مَالِكًا يَقُول لَيْسَ الْفِقْه بِكَثْرَة الْمسَائِل وَلَكِن الْفِقْه يؤتيه الله من يَشَاء من خلقه وَقَالَ ابْن وضاح وَسُئِلَ سَحْنُون أيسع الْعَالم أَن يَقُول لَا أَدْرِي فِيمَا يدْرِي فَقَالَ أما مَا فِيهِ كتاب قَائِم أَو سنة ثَابِتَة فَلَا يَسعهُ ذَلِك وَأما كَانَ من هَذَا الرَّأْي فَإِنَّهُ يَسعهُ ذَلِك لِأَنَّهُ لَا يدْرِي أمصيب هُوَ أم مُخطئ
وَذكر ابْن وهب فِي كتاب الْعلم من جَامعه قَالَ سَمِعت مَالِكًا يَقُول إِن الْعلم لَيْسَ بِكَثْرَة الرِّوَايَة وَلكنه نور يَجعله الله تَعَالَى فِي الْقُلُوب وَقَالَ فِي مَوضِع آخر من ذَلِك الْكتاب وَقَالَ مَالك الْعلم وَالْحكمَة نور يهدي بِهِ الله من يَشَاء وَلَيْسَ بِكَثْرَة الْمسَائِل
قَالَ أَبُو عمر وَأخْبرنَا إِبْرَاهِيم بن شَاكر قَالَ ثَنَا مُحَمَّد بن يحيى بن عبد العزيز ثَنَا أسلم بن عبد العزيز قَالَ ثَنَا الْمُزنِيّ وَالربيع بن سُلَيْمَان قَالَا قَالَ الشَّافِعِي لَيْسَ لأحد أَن يَقُول فِي شَيْء حَلَال وَلَا حرَام إِلَّا من جِهَة الْعلم وجهة الْعلم مَا نَص فِي الْكتاب أَو فِي السّنة أَو فِي الْإِجْمَاع أَو الْقيَاس على هَذِه الْأُصُول وَمَا فِي مَعْنَاهَا قَالَ أَبُو عمر أما الْإِجْمَاع فمأخوذ من قَول الله تَعَالَى ﴿وَيتبع غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ﴾ لِأَن الِاخْتِلَاف لَا يَصح مَعَه هَذَا الظَّاهِر وَقَول النَّبِي ﷺ لَا تَجْتَمِع أمتِي على ضَلَالَة وَعِنْدِي أَن إِجْمَاع الصَّحَابَة لَا يجوز خلافهم وَالله تَعَالَى أعلم لِأَنَّهُ لَا يجوز على جَمِيعهم جهل التَّأْوِيل وَفِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس﴾
1 / 24