Introduction to Quranic Interpretation and Sciences
مدخل إلى تفسير القرآن وعلومه
प्रकाशक
دار القلم / دار الشاميه
संस्करण संख्या
الثانية
प्रकाशन वर्ष
١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م
प्रकाशक स्थान
دمشق / بيروت
शैलियों
إن هذا الشعور لم يفارقه ﷺ حين نزلت عليه الآيات السابقة ترده إلى درجة العدل، ثم تصعد به في مقام الإحسان درجات بعضها فوق بعض بما يتناسب مع مقام النبوة الرفيع:
وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (١٢٦) وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (١٢٧) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (١٢٨).
من كان يظن أن هذا الكلام يصدر عن قائل الكلام الأول في هذا الموقف فليعد على نفسيته «المريضة» هو بالمداواة والتهذيب، أو على رأيه الجاهل هذا بالتغيير والتبديل، إن هذه الآيات الكريمة لا تعبر عن نقلة ومفارقة بعيدة في عالم الحسّ والشعور ... فقط، ولكنها تتضمن فوق ذلك براعة التلطّف بالنبيّ، والانتقال به من درجة إلى أخرى فوقها على أدق ما يكون العلم بأعماق النفس ودرجات الشعور:
فضمان حق النبيّ في عقاب عدوه أول ما يحفظ له ويخاطب به في هذا الموقف الذي لم ينظر النبيّ إلى منظر أوجع لقلبه منه!!
ثم ترشده الآيات بعد ذلك إلى أن صبره خير وأفضل، وجاء الإرشاد هنا بهذه العبارات والإشارات المأنوسة: وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ ... ولم تلتفت إليه في صيغة المخاطب إلا مرة واحدة صَبَرْتُمْ ثم ذكرت أن الصبر خير للصابرين (ولم تقل:
فهو خير لكم) إشارة إلى وجود الصابرين وكثرتهم كذلك ... وإلى أن من حق النبيّ الكريم- أو واجبه كذلك- أن يكون منهم، بل أن يكون في مقدمتهم وعلى رأسهم ﷺ.
ثم ترتفع الآيات درجة أخرى حين «تأمره» ﵊ بالصبر، بعد أن هيأته الإشارة السابقة ليكون منهم ورشّحته إلى ذلك، ولكنها
1 / 80