قال: وأما قولهم: ويستغاث بهم في الشدائد. فهذا أقبح مما قبله وأبدع؛ لمضادة قوله تعالى: ﴿أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ﴾ (١) ﴿قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾ (٢) وذكر آيات في هذا المعنى.
ثم قال: إنه جل ذكره: قرر أنه الكاشف للضر لا غيره، وأنه المتعين لكشف الشدائد/ والكرب، وأنه المتفرد (٣) بإجابة المضطرين، وأنه المستغاث لذلك كله، وأنه القادر على دفع الضير (٤) وعلى إيصال الخير، فهو المنفرد بذلك. فإذا تعين جل ذكره، خرج غيره (٥) من ملك ونبي وولي.
قال: والاستغاثة تجوز في الأسباب الظاهرة العادية، من الأمور الحسية: في قتال، أو إدراك عدو أو سبع ونحوه. كقولهم: يالَزَيدٍ، يالقومي ياللمسلمين؛ كما ذكروا في كتب النحو (٦)، بحسب الأسباب الظاهرة بالفعل.
وأما الاستغاثة بالقوة والتأثير، أو في الأمور المعنوية من الشدائد: كالمرض وخوف الغرق والضيق، والفقر وطلب الرزق، ونحوه. فمن خصائص الله، فلا يطلب فيها غيره.
قال: وأما كونهم معتقدين التأثير منهم في قضاء حاجاتهم؛ كما
_________
(١) سورة النمل آية ٦٢.
(٢) سورة الأنعام آية ٦٣.
(٣) (ع): المنفرد.
(٤) (ط): الضر.
(٥) (ط): عن غيره
(٦) ينظر" شرح عمدة الحافظ" لابن مالك/٢٨٦.
1 / 82