وهؤلاء من جنس عُبَّاد الأصنام؛ ولهذا قد (١) يتمثل لهم الشيطان في صورة الميت والغائب، كما يتمثل لعباد الأصنام.
ومن تقريره ﵀ في هذا الأصل: ما ذكره في اقتضاء الصراط المستقيم، حيث قال: إن الدعاء المتضمن شركا: كدعاء غيره (٢) أن يفعل، أو دعائه أن يدعو، ونحو ذلك: لا يُحصِّل (٣) غرض صاحبه، ولا يورث حصول الغرض شبهة إلا في الأمور/ الحقيرة، وأما الأمور العظيمة: كإنزال الغيث عند القحوط (٤)، وكشف العذاب النازل. فلا ينفع فيه هذا الشرك، قال تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ﴾ (٥) .
وقال: ﴿فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ (٦) . وقال: ﴿وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ﴾ . وقال: ﴿أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ﴾ (٧) الآيات.
فكون هذه المطالب العظيمة لا يستجيب فيها إلا هو سبحانه: دل على توحيده، وقطع شبهة من أشرك به، وعُلم بذلك أن ما دون هذا أيضا من الإجابات، إنما فعلها هو سبحانه وحده لا شريك له، وإن كانت تجري بأسباب محرمة أو مباحة؛ كما أن خلقه السموات والأرض والسحاب والرياح، وغير ذلك من الأجسام العظيمة: دال على
_________
(١) (ط):قد. ساقطة.
(٢) (ع) (ط): غير الله.
(٣) (ط): ليحصل.
(٤) (ع) (ط): القحط.
(٥) سورة الأنعام الآيتان ٤٠، ٤١.
(٦) سورة العنكبوت آية ٦٥.
(٧) سورة النمل آية ٦٢.
1 / 63